هذا السؤال القصير "إلى متى"؟ الذي يتكون من كلمتين يردده كثير من أفراد المجتمع في مجالسهم، ولكن الإجابة الواقعية عنه تعني لهم الكثير، وقد يكون من المناسب أن أتعرض لبعض الموضوعات الحيوية، أو التنموية التي يُستفسر عنها دائما بهذا السؤال؛ ففي المجال التربوي يقال: إلى متى ومدارسنا طاردة للطلاب؟ وتمثل بيئة غير جاذبة لهم مثل جذب مدارس أغلب - إن لم يكن جميع - الدول المتقدمة للمتعلمين والمعلمين، وفي تلك الدول إذا أرادت الأسرة أن تعاقب الابن تعمل على حرمانه من الذهاب إلى المدرسة يوما أو يومين، وهذا أقسى وسيلة عقاب عندهم، ولا يحبذ الطلاب الإجازات التي تحول دون ذهابهم إلى المدارس، أما عندنا فيعد الذهاب إلى المدرسة عند كثير من طلابنا عقابا لهم، فينتظرون الإجازات على أحر من الجمر، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا هذا الشعور عند كل من طلابنا، وطلابهم؟.
هناك خلل ولا بد أن نعمل سويا لنكتشفه، ونعمل على حله، فالدعم المادي ليس من مسببات الخلل، فميزانية التعليم في المملكة تفوق ميزانيات بعض الدول، والبيئة المدرسية تتكون من مكونات بشرية ومادية، وفي حال تم تطوير هذين المكونين بشكل شمولي، فسيتم تحويل البيئة المدرسية من بيئة طاردة للمتعلمين إلى بيئة جاذبة لهم، وهذا يحتاج إلى تطوير المعلمين تربويا وثقافيا، وتقنيا، وغيرها من المهارات التربوية، والسلوكية المطلوب توافرها في أي معلم ناجح، أما الجهاز الإداري فبحاجة إلى تدريب مكثف على مهامه التي تجعل البيئة المدرسية تفاعلية وجاذبة للمتعلمين، أما الجانب الآخر والمهم أيضا، فهو يخص المبنى المدرسي، فالمبنى المدرسي بحاجة لإعادة تأهيل، وإلى تطوير شامل ومرافقه كافة، بحيث تكون هذه المباني جاذبة للطلاب بما فيها من إمكانات تعليمية، وترفيهية وتقنية، وهنا أرى أن تكون المكونات البشرية متمكنة من الأساليب التي تجعل بيئة المدرسة جاذبة، والمبنى المدرسي جاذبا بإمكاناته التعليمية، والترويحية.
وفي المجال البيئي يقال: إلى متى ونحن نلوث البيئة بالملوثات التي لا يمكن التخلص منها مطلقا، أو تحتاج عملية التخلص منها سنوات متعددة؟ فمصانع البلاستيك منتشرة في كثير من مدننا الصناعية، حتى أصبحت هناك أسواق متخصصة في بيع منتجات البلاستيك المختلفة، وأصحاب المصانع لم يهتموا بما تفعله منتجاتهم للبيئة، والبائع همه الأول بيع أكبر قدر من المنتج؛ كي يحصل على خصم أكبر من المصنع، أو وكيله للتوزيع، والمستهلك لم يدرك ما يفعله ببيئته من خلال الاستهلاك غير المقنن للمنتجات البلاستيكية، ولقد تعددت أنواع المنتجات البلاستيكية، وتنوعت استخداماتها، وكانت في البداية كمالية، أما الآن فأصبحت ضرورية، وهنا أرى أننا جميعا نسهم في حدوث اختلال التوازن البيئي الذي له آثار سلبية على المستوى الاقتصادي، أو الصحي، كما أقول: إلى متى وأصحاب المصانع يسهمون في تدمير البيئة؟ ولم يسهم هؤلاء المستثمرون في دراسة المشكلات البيئية التي يسببها نشاطهم التصنيعي في هذا المجال، أو في حلها؟، وإلى متى وهناك تراخيص تمنح لإنشاء مصانع للبلاستيك؟ وإلى متى ونحن على هذا الحال حتى تحل ببيئتنا كارثة بيئية تكلفنا الكثير سواء في معرفة مسبباتها أو حل مشكلاتها؟.
نحن بحاجة لتقنين هذه المنتجات التي ستحطم البيئة، وتلوثها على جيلنا الحاضر والأجيال القادمة، والجهود المطلوبة الآن لنشر الوعي البيئي، وحل المشكلات البيئية أقل بكثير لو انتظرنا وقتا أطول؛ لأن العملية تراكمية وسلوكيات الناس حيال استخدام هذه الملوثات "المنتجات البلاستيكية" أصبحت أكثر إيجابية منها في السابق، وهنا من الضروري أن نعمل جميعا على الاقتصاد في استهلاك منتجات البلاستيك، والبحث عن البدائل عنها من الأنواع التي تعد صديقة للبيئة، وقابلة للتحلل في وقت قصير مثل المنتجات الورقية والكرتونية، واستخدام الأدوات والتجهيزات المتعددة الاستخدام بدلا من البلاستيك الذي يستخدم لمرة واحدة ويتم التخلص منه في البيئة، والدول المتقدمة اكتشفت أثر تلك الملوثات على البيئة، لذا أوجدت بدائل لهذه المواد الضارة بالبيئة، ولماذا لم نستفد من تجاربهم الجيدة في المجال؟.