بث التلفزيون الرسمي الإيراني يوم الأربعاء 11 أغسطس، اليوم الأول لشهر رمضان، مقابلة مع سكينة محمدي آشتياني ليروج أنها اعترفت بشكل طوعي بارتكاب جريمة الزنى وأن الحكم القضائي الصادر بحقها كان عادلا!
وكان القضاء الإيراني قد أصدر حكما بالرجم بحق سكينة محمدي بتهمة ارتكاب فاحشة الزنى، ولكن في المسرحية التلفزيونية حاولت السلطات إضافة جريمة أخرى هي المشاركة في قتل زوجها إلى اتهامها السابق في حين يكتنف الغموض عملية البت في ملفها والاتهامات الموجهة إليها.
وكان إصدار الحكم برجمها قد أثار مشاعر العالم حيث سعى الكثير من الناس إلى اتخاذ خطوات ولو متواضعة للاحتجاج على هذا الإجراء من خلال تنظيم التجمعات أمام البعثات الإيرانية في الخارج والتوقيع على البيانات الاحتجاجية كما نددت المؤسسات الناشطة في مجال حقوق الإنسان بالحكم الصادر بحق سكينة. ولكن هل أفلح العالم في إنقاذ روح هذه المرأة التي لها ابنان؟
وكانت الاعترافات التلفزيونية في إيران قد بدأت بعد انتصارالثورة عندما أرغمت السلطات قادة حزب "توده" الشيوعي و مسؤولين سابقين في النظام الملكي بالاعتراف أمام كاميرات التلفزيون.
وكانت إيران قد شهدت خلال السنوات الماضية، وخاصة بعد وصول الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي إلى سدة الحكم، استئناف عملية بث الاعترافات التلفزيونية ولكن الجميع يعرف منذ سنوات أن المتهمين الذين تبث اعترافاتهم من التلفزيون لايملكون أي حق للدفاع عن أنفسهم والإفصاح عن الحقيقة. وأي عاقل يقبل اعترافات متهم يواجه خطر الموت على نفسه بشكل طوعي؟
تريد السلطات من وراء بث الاعترافات الكاذبة استغلالها لأغراض متعددة في المجتمع والعالم ولكن تبرير هذه الإجراءات غير الشرعية والمناهضة لحقوق الانسان بحق متهمين لايملكون آليات الدفاع عن أنفسهم يحط من مكانة بلد يضم شعبا مثقفا ويؤدي إلى إذلال هذا الشعب العريق.
وكان بث اعترافات المتهمين عبر التلفزيون الرسمي أمرا غير مسبوق في البلاد وشكل إجراء آخر لانتهاك مبادئ العدالة الاجتماعية حيث لم يسبق بث اعترافات متهم بارتكاب مثل هذه الأنواع من الجرائم من التلفزيون الرسمي، ولم تبث على سبيل المثال اعترافات تلفزيونية لأكبر مجرم في التاريخ المعاصر لإيران والذي عرف بـ"خفاش الليل" بعد ارتكابه جرائم بشعة طالت العشرات من النساء في طهران العاصمة بعد قيامه بسلسلة جرائم تمثلت بخطف النساء وقتلهن بعد اغتصابهن في العاصمة.
أتذكر أنه عندما بدأ القضاء الإيراني البت في ملف غلام رضا خوشرو الذي عرف بـ"خفاش الليل" أثار سلوكه في المحكمة وابتسامته أثناء البت في جرائمه مشاعر الشعب ولربما لم يعارض أحد رجمه آنذاك حيث جرح مشاعر الملايين من الناس في إيران.
وفي اليوم الذي تم فيه البت في ملفه، حضر عشرات الآلاف خلف الأبواب المغلقة للمحكمة وكان الكل يطالب بالانتقام منه وقد أعدم غلام رضا خشرو بالقرب من إستاد آزادي بطهران في عام 1997 وربما يتذكر أهالي طهران أزمة السير التي رافقت لحظة تنفيذ عملية إعدامه بشكل علني حيث توجه عشرات الآلاف لمشاهدة إعدام هذا المجرم القاسي والمحترف.
وقد شرحت قصة خشرو للتأكيد على أنه في التعامل مع قاتل محترف مثل هذا المجرم رتب القضاء محاكمة علنية وسمع الناس لائحة الاتهام ودفاع محاميه، لكن الناس لم يطلعوا على دفاع امرأة من إقليم أذربيجان حيث قالت ضمن اعترافاتها إنها لم تلتق محامي الدفاع عنها، هذا في حين أن السلطات لم تبث اعترافات أكثر المجرمين خطورة ليطلع الناس على أدائه.
لماذا عملت السلطات الإيرانية على تشويه سمعة هذه المرأة التي لم تثبت إدانتها حسب ما يؤكده المحامي، في حين أنها كالملايين من الإيرانيات لها أبناء وأسرة وجيران وأصدقاء وأقارب ويقع الحفاظ على سمعتها وكرامتها على عاتق القضاء؟
ربما تهدف السلطات من وراء بث هذه الاعترافات إلى تبرير الحكم الصادر بحقها والتقليل من الضغوطات الخارجية التي تواجهها للتخلي عن الحكم ولكن ما هو ثمن تحقيق هذا الهدف؟
إذا ما أمعنا النظر في أداء القضاء الإيراني نرى أن التعامل مع النساء في المحاكم، وخاصة في المدن الصغيرة، أقسى وأشد من التعامل مع الرجال.
لكن ملف هذه السيدة أدى إلى تسليط الضوء على ملف ثلاث نساء في إقليم أذربيجان يواجهن حكم الرجم. وقد أوضح جاويد كيان محامي الدفاع عن المحكومات الأربع بالرجم في حوار مع موقع "روز" الإخباري "أن حكم رجم مريم قربان زاده توقف قبل شهر ونصف بعد ما أثير عن موضوع رجم سكينة آشتياني وتغير حكمها إلى الإعدام شنقا".
وأشار المحامي إلى أن مريم قربان زاده كانت حاملا في المعتقل، وبما أن السلطات لايحق لها إعدام المرأة الحامل، عملت على إجهاض جنينها الذي تحمله منذ ستة أشهر لتسريع عملية الإعدام. ويؤكد المحامي أن احتجاجه على هذا الإجراء الذي يمثل قتلا للنفس لم تعتن به السلطات، في حين أنه بعد مضي 3 أشهر من عمر الجنين فإنه يعد إنسانا كاملا، ولذلك فإن الإجهاض بعد هذه الفترة يعد قتلا للنفس.
لاأدري ما هي ردة فعل الشعب إذا ما اطلع عبرالتلفزيون على إرغام امرأة على إجهاض جنينها؟ فهل نشهد بعد هذا تنظيم تجمعات أمام مؤسسة التلفزيون تؤيد عملية الرجم؟