يقول الإعلان الرسمي لوزارة المياه والكهرباء، إنه لإنتاج لتر واحد من الحليب فإن البقرة الواحدة تستهلك 500 لتر "نصف طن" من الماء! وأن تلك البقرة تستهلك خلال عمرها الإنتاجي ما يتجاوز حمولة 1500 صهريج ماء!، وتلك أرقام هائلة، فضلا عن كونها مفزعة في بلد صحراوي يعاني من تراجع مستمر لمنسوب المياه الجوفية.
المشكلة أن الإعلان التوعوي يلقي باللوم على المواطن البسيط، أو المزارع الذي يكسب قوت عياله عبر زراعة الأعلاف أو غيرها، متجاهلة أن الهدر الأكبر يقع على عاتق شركات الألبان الكبرى، التي لم تكتف بترويج منتجهاتها المدعومة من الدولة في المملكة، بل تقوم ببيعها في الدول المجاورة، خاصة دول الخليج العربي، وبأسعار رخصية تكاد تقارب الأسعار المحلية، أو قد يضاف عليها تكلفة بسيطة للشحن! وذلك أمر لا يستقيم عقلا، كون الدعم المتنوع الذي تقدمه الحكومة السعودية لشركات الألبان المحلية، يجب أن يذهب للمواطن السعودي فقط، وليس ليستفيد منه آخرون على حساب مخزوننا من المياه الجوفية أو حتى مقدراتنا المالية.
يجب على وزارة المياه والكهرباء أن تعمل على إصدار تشريع يمنع تصدير منتجات الألبان المحلية، خاصة السائلة منها كالحليب واللبن، وإذا لم تستطع ذلك، أن تعمد على الأقل إلى فرض رسوم تصدير باهظة، يستفاد منها في دعم برامج السدود الوطنية، وإيصال المياه العذبة إلى المناطق النائية، فضلا عن دعم أبحاث تطوير الأعلاف المحلية؛ لتكون أكثر جودة غذائية وأقل استهلاكا للمياه، أما أن تستمر الوزارة بإلقاء لومها على المواطن البسيط، فإنها لن تستطيع أبدا تخفيض هذا الهدر الهائل.