داخل القاعات الجامعية يتعلم طلاب الإعلام سمات ومعايير تخصصهم بشيء من الحماس نظرا لكثرة الوسائل وتنوعها على أرض الواقع، وبالتالي إمكانية تطبيقها ودراسة حالتها، ولكن عندما يمارسون هذه المهنة بعد التخرج يصدمون بواقع مرير.
في السابق وحتى الآن يقول الكثير من الناس "كلام جرايد" هذه العبارة لا تعني معيار الصدق فحسب وإنما عدم الثقة في الصحف تماما، هذه المصطلح يبدو أنه تطور مع النمو التقني القائم حاليا والذي أفرز لنا الصحف الإلكترونية والقنوات الفضائية لكن دلالته باقية، فذاك ينعت تلك الصحيفة الإلكترونية بأنها تكتب عن حوادث "السياكل" داخل البيوت، وآخر متعجب من رقية الجمهور خلف الشاشة.
الثورات الشعبية التي لفت معظم البلدان العربية طمست زعماء وكشفت عن تبعية مزعجة لمعظم القنوات الإخبارية من الناحية الأيديولوجية وخصوصا بعد الأحداث المصاحبة لتلك الثورات كالتي وقعت في مصر مؤخرا، حيث تنطلق التغطيات من عقيدة وتوجه القناة لطبيعة الحدث فتخرج بعبارات وشعارات بعيدة عن الحياد، ناهيك عن تبنيها صياغة المستقبل من خلال محللين يمثلون نفس التوجه، ملقين بالموضوعية خارج الأستديو.
إن تزايد الانقسام بين الوسائل الإعلامية يشتت الجمهور الطامح إلى وظيفة تكوين المواقف والاتجاهات والباحث عن الثقافة والمعلومات العامة، كذلك يلقي الانقسام بظلاله على انعدام الثقة والعداوة وهذا ما حصل من ردة فعل في الشبكات الاجتماعية، حيث التحزب وإلغاء الآخر نتيجة الاختلاف فقط في الوسيلة.
كل منا يتناول مختلف الأحداث من منظور فردي وجمعي مع الزملاء والأصدقاء ولكن عندما تقرر مشاهدة الفضائيات فانصحك بمشاهدة القنوات المحايدة (الأجنبية- الناطقة باللغة العربية على الأقل) لأن العرب لا غنى لهم عن ثقافة المشراق وإن تطور الزمان.