الإعلام بكل أشكاله يسعى إلى منطقة وسطى بين المُعَانِي والمُعَانَى منه.. لكن مساعيه تفشل؛ لأن "المعانى منه" لا يتعاون.. والبرامج الحوارية التلفزيونية التي تناقش الشأن المحلي تجتهد لتمسك العصا من المنتصف بين المواطن والمسؤول، لكنها تضطر بسبب هروب "المسؤول" إلى الوقوف في صف الضعيف، ليس لأنها متأكدة من صدقه لكن لغياب الطرف الأقوى برغبته وزهده.

ربما المسؤول الذي يتجاهل الإعلام، يظن أنه يُضعِف حجة المواطن ويقلل تفاعل الإعلام مع المعاناة، لكن الواقع يقول إنه يقوي حجة الضعيف ويمنح المتظلم حقا ربما مبالغا فيه.

كان مفهوما تخوف "بعض" المسؤولين من الكاميرا بكل أنواعها.. لكنه لم يعد مفهوما ولا مقبولا "جُبن" بعض المسؤولين اليوم من الكاميرا، وهي التي أضحت في جيب كل إنسان بأبخس الأثمان.

بعض المسؤولين يسكنه الرعب من أي كاميرا حتى ولو كانت جامدة تحبس اللحظات ولا توثقها.. وبعضهم تربكه كاميرا الجوال مثلما تلعثم كاميرا الفيديو لسانه.. فعلى سبيل المثال يعاني الإعلامي داود الشريان من هروب بعض المسؤولين من مواجهة الأسئلة، وكان آخرهم وكيل وزارة التربية والتعليم للشؤون المدرسية، فابتكر برنامج الثامنة فكرة ترك كرسي المسؤول الغائب خاليا.. وكذلك يعاني الصحفي الميداني من تعكير "كاميرا الجوال" علاقته مع المسؤول، ولنا في قصة مراسل "الوطن" في أبو عريش حكاية سترويها الأجيال عن ارتباك المسؤول من الإعلام، فلم يجد مدير الأحوال المدنية في أبو عريش حلا لوأد صور الجوال التي وثقت سوء مبنى إدارته، إلا من خلال الاستعانة بالشرطة لاحتجاز صحفي بتهمة التعدي على أرشيف وثائق لم يحترمها هو، فكان الأرشيف أقرب إلى مكب نفايات بشهادة الصور التي نشرتها "الوطن" رغم أن جوال الصحفي ظل حبيس درج رجل أمن لم يقدر الخصوصية، فغادر مكتبه ولم يرد على اتصالات زملائه لإعادة جوال الصحفي بعد خروجه من التوقيف.

(بين قوسين)

عزيزي المسؤول تَخفيك عن الإعلام أقوى دواعم الإشاعة، وأشد أساليب التضليل: فاجعل الكاميرا في صفك بذكاء. لا ضدك بغباء.