هل لهذه الدرجة وصل الحال في الإدارة الأميركية أن تتلاعب بمصير شعب بأكمله، من أجل أنها رأت فقط أن مبادرة الدب الروسي لطفلها المدلل الأسد، مؤشر إيجابي لعدم تكرار استخدام السلاح الكيماوي؟. هل كان هدفها من إقامة الدنيا بعد مجزرة الغوطة معاقبة النظام السوري على فعلته أم الوصول إلى صيغة تكفل من خلالها حماية "الكيان الصغير" إسرائيل؟.
أي ارتباك ذلك الذي أصاب الموقف الأميركي بعد مبادرة موسكو بوضع الترسانة الكيماوية الأسدية تحت المراقبة الدولية وتدميرها؟. هل واشنطن بهذا الضعف وهذه السذاجة؟ أم أن خلف الأكمة ما خلفها؟.
كل إرهاصات اليومين الماضيين، من عرض روسي وقبول سوري وإيحاء أميركي بالموافقة، يشي بصدقية الأنباء التي تحدثت عن توصل الأميركيين والروس إلى صفقة تحت الطاولة. ولكن من الخاسر الأكبر في هذه المسألة، ومن الرابح؟
الواضح أن الشعب السوري والذي عانى من ويلات "هولاكو الشام" طيلة العامين ونيف الماضية، لم يكن أكبر اهتمامات الإدارة الأميركية، رغم أن أوباما صرح قبل أكثر من عام أن السلاح الكيماوي "خط أحمر"، وأنه لن يسمح باستخدامه. اليوم، الأسد استخدم الكيماوي، وواشنطن لم تحرك ساكنا سوى "خطابات الوعيد" الزائفة. والآن، الروس قدموا مبادرة بوضع "الترسانة الكيماوية" السورية تحت الرقابة الدولية، وأوباما يعتبرها "أمرا إيجابيا"، فهل هذه النتيجة هي التي أرادها الرئيس الأميركي؟.
الإيجابي في كل ذلك، هو أن المجتمع الدولي بات يعي أن الأسد لم يعد قادرا على إحكام السيطرة على سلاحه الكيماوي نتيجة تقدم قوى المعارضة والجيش الحر على الأرض، وهذه الإشارة يجب أن تتلقفها المعارضة بالكثير من الجدية، وأن تواصل عملها المسلح بيدها وألا تنتظر رحمة أحد.