نحن مع مؤشر المنظمة العالمية للشفافية، لا نختلف كثيرا مع مؤشر منتخبنا الوطني لكرة القدم في التصنيف الدولي لترتيب المنتخبات. وفي كلا المؤشرين قرأت اسم وطني بالتقريب في منتصف الصفحة الإلكترونية الثالثة. وبكل موضوعية وصراحة لا يمكننا تحميل هذا الترتيب المتدني إلى هيئة وليدة مثل هيئة مكافحة الفساد، لا لأن الهيئة تحتاج إلى عقد كامل من الفرصة في البناء وسن القوانين والقبض على الصلاحيات، بل لأن كارتيل الفساد الإداري أو المالي يسرقون ويسرحون ويمرحون بالقانون.

مقاولة الباطن التي ستصب بعد شهور أو أعوام في جيب (المسؤول) المباشر الخفي رست قبل شهور أو أعوام على ابن خال عم زوجة المسؤول، تحت طائلة الورق القانوني النظامي الذي لا تستطيع كل منظمات مكافحة الفساد أن تكتشف فيه غلطة أو ثغرة قانونية واحدة. ولست مبالغا أبدا إن قلت إن كل مشاريعنا المليارية أو المليونية لا تخرج عن هذه الأعراف والقواعد.

أصبح المقاول الأساسي الضخم الذي تسلم المشروع يدرك أن أوراقه ومستخلصاته لن تأخذ مجراها الطبيعي بحسب النظام؛ إلا إذا (قسم) هذا (المجرى) إلى أنهار وجداول صغيرة لمقاولي الباطن الذين يصبون في بطن المسؤول في نهاية المطاف عند توقيع المستخلصات أو استلام أجزاء أو كامل المشروع.

نحن بكل صراحة، أكتبها تحت مسؤوليتي الخاصة: غادرنا مربع الرشوة أو "دهن السير" أو حتى مجاملات تقدير ألقاب المسؤول إلى المربع الذي يكون فيه المسؤول وشلة من تابعيه مقاولي باطن تحت قانون الإرساء القانوني إلى: ابن خالة عم شقيق خالة صديق عم (المسؤول)، وبعدها: أدعو هيئة مكافحة الفساد المسكينة لا لتبحث فضيحة الفساد بل كي تفكك هذه (الشربكة) في القرابات العائلية حتى تجد خيطا بين مقاول الباطن الوهمي وبين بطن المسؤول. اسألوا في كل مشروع: من هو صاحب الخلاطة ومورد الأسمنت ومتعهد الحديد.. ومن هو حتى مقاول كوالين الأبواب ومقاول القطع والحفر والردم، ولن تقبضوا على شيء. كل ما ستجدونه في نهاية الأمر: شجرة عائلة!