كلما تجولت خارج بلادي يجول في خاطري الكثير من المقارنات بين بعض تلك الدول التي زرتها وبين بلدي، إذ الكثير من المظاهر السلبية تختفي هناك وتعج بها بلدي، وعلى الأخص بعض مدننا الرئيسة. من تلك المظاهر انتشار النساء الأفارقة بعرباتهن ينبشن القمائم دون رقيب، وكذلك انتشار الشباب الأفارقة في الشوارع، ومعهم سطولهم يغسلون السيارات، والمياه تنسكب في الشوارع دون رقيب أو حسيب، في حين أنك لو فكرت في غسيل فناء منزلك، وانساب القليل من الماء للشارع لعدم وجود فتحات الصرف بالشوارع، لوجدت مخالفة من شركة المياه. ومن تلك الظواهر انتشار المتسولين في الشوارع وحول إشارات المرور وكأن إدارة مكافحة التسول تغط في سبات عميق، أو أن مراقبيها في إجازة طويلة، أو أنهم يقومون بمهامهم من مكاتبهم وينتظرون المتسولين يقومون بتسليم أنفسهم.
يتبادر إلى ذهني أن كبار المسؤولين لا يشاهدون ما نشاهده، فقد تكون الشوارع التي يسيرون فيها تخلو من تلك المشاهد، مع العلم أني أجزم بأنه لا يخلو شارع في تلك المدن من تلك المظاهر السلبية، ولو توجهنا لدوائرنا الحكومية بمساءلتها عن تلك المظاهر ودورها في مكافحتها، لوجدنا كل جهة تلقي باللوم على الجهة الأخرى، فالأمانة ستلقي باللوم على الجوازات، والجوازات تلقي باللوم على الشؤون الاجتماعية، والأخيرة تلقي باللوم على المواطن؛ لأنه من قام بالتعامل مع تلك الفئات. إن السكوت عن تلك المظاهر سيجعلها تستفحل وسيؤثر سلبا على أمننا الذي نتميز به عن بقية الدول، لا بد لجهاتنا الحكومية من التنسيق فيما بينها لمكافحة تلك الظواهر والقضاء عليها، وأن تعاد صياغة أنظمتها، ووضع آليات تتمشى مع العصر الذي نعيشه، ومع استفحال تلك الظواهر السلبية.