سر البرامج الوثائقية وسحرها الباهر، لا يمكن حصرهما في تقنيتها المذهلة ومعلوماتها الثرية، بل في أوقات مشاهدتها المفتوحة، في كل زمن وحين، إذ لا يمكن أن يمر الـ"ريموت كنترول" دون أن يتوقف عندها، فهي تصلح لكل مناسبة. قبل النوم ذروتها المبهرة وفتنتها الأبدية، حيث تتابع موضوعا لا يعني لك شيئا بانتظار أن تذهب في رحلة السبات اليومي، برامجها العلمية المتخصصة فيها ملل، لكنها تأسرك بتأثيرات الـ"جرافيك" وملامح علمائها الأقرب للبوهيمية، أما التاريخية فإنها تشدك حتى النهاية، لا سيما حينما تتطرق لشخصية مثيرة أو حدث مهم، أما "عالم الحيوان" فدهشتها الطفولية لا نهائية، أما الظواهر الغريبة والغامضة، فإنها تزيدك حيرة وتشغلك بما ليس مهما حتى تتحول لمسألة شخصية.
"ناشيونال جيوغرافيك" أكثرها رواجا وتنوعا في التناول.. "أنيمال بلانيت" أعلاها تقنية.. "ديسكفري" ذات مزاج نوعي تشعرك بأنها تنتقي مشاهديها.. "هيستري" شديدة التخصص.. "الجزيرة الوثائقية" ذات مزاج سياسي.. "العربي" مريحة، تقول لك إن الكون جولة بصرية ممتعة، وكل ما عليك هو الاسترخاء في مقعدك، لتتكفل بنقلك إلى عوالم الله البعيدة.
أذكر أن هناك قناة مهمتها عرض الفنادق والمنتجعات المنثورة في بقاع الأرض بكل ما حبتها الطبيعة من سحر، لكن لا أعرف أين ذهبت؟
البرامج الوثائقية صناعة مكلفة، وتحتاج إلى ميزانيات كبيرة، لذا تكتفي الوثائقيات العربية بمهمة الشراء والترجمة، أما ما هو خاص فيتم توظيفه في الغالب سياسيا، والسياسة تشوه كل جميل متى ما حشرت به، لكن ما يهم هو ما نختار، لذا تبقى الوثائقيات نسمة مختلفة تهب علينا كلما ضغطتنا الأحداث السياسية المتلاحقة، لذا أدعوكم للهروب إلى تلك القنوات، لأن بها فوائد جمة؛ صحية أولا، فهي تزيل التوتر، وثقافية ثانيا، لأنها تشحن بالمعرفة، وأهم من ذلك أن بها فرجة حقيقية مريحة للعين، ويمكن تثبيتها في حال زارك ضيوف لا قواسم مشتركة بينهم، حينها ستوحدهم الشاشة وتأخذهم إلى عوالمها المختلفة، ليستعرض كل منهم مشاهداته المتعددة وأفكاره حول الحياة والكائنات.