في دائرة صغيرة، تستطيع أن تكتشف بالعين المجردة التباين الواضح في أداء مؤسسات الحكومة.. كل ما عليك أن تستدير برقبتك نحو ثلاث نقاط على ذات الدائرة!

الحالة المثال موجودة على الطبيعة في مطار الملك خالد بالرياض - لمن وصل إلى هذا المطار عبر الصالة الدولية - المديرية العامة للجوازات.. الهيئة العامة للطيران المدني.. مصلحة الجمارك العامة..

أول ما يستقبلك عند محيط الدائرة فوضى الجوازات.. للوهلة الأولى تتذكر حراج السيارات.. أصوات مرتفعة.. التنظيم يتم بواسطة الصراخ.. رأيتهم بنفسي يسوقون بعض الجنسيات كالقطعان.

الغريب أن ختم جوازك لا يستغرق من الموظف سوى أقل من دقيقة، لكن كيف ومتى ستصل لهذا الموظف!

بعد ذلك تنتقل نحو مركز الدائرة "الهيئة العامة للطيران المدني".. حيث تتجلى الفوضى بأوضح صورها.. طوابير من الناس تبحث عن حقائبها.. فوضى تذكرك هي الأخرى بحراج الأثاث المستعمل، أنت لا تعرف على أي سير متحرك ستصل حقيبتك، ومتى ستصل.. دائما أكرر أن وصول الحقائب يستغرق أحياناً نصف زمن الرحلة!

حينما تخرج من هذه المعمعة، والفوضى المزعجة، تجد أمامك عند محيط الدائرة من الجهة الأخرى "مصلحة الجمارك".. وللأمانة فهي "أفضل السيئين".. الممرات منظمة بسياج جميل.. تضع حقيبتك على جهاز التفتيش الآلي وتستلمها من الجهة الأخرى.. وسرعة إنجاز الأمر يعتمد على قوة عضلاتك لحمل حقائبك، ووضعها على الجهاز.. لا أحد يتحدث معك.. تخدم نفسك بنفسك - Self Service - تنجز عملك بصمت.. لا أعلم ما المبرر لتكرار التفتيش؛ طالما أن الحقائب تم تفتيشها قبل تسلمها؟!

على أي حال هذه ثلاث جهات حكومية، تعمل في دائرة واحدة، لا يتجاوز قطرها خمسين متراً.. أوردتها لكي أثبت أن الخلل غالباً ليس في المؤسسة، بقدر ما هو في بعض الأساليب التي تدير تلك المؤسسات.