(أنت مع الضربة أم ضدها؟) هو السؤال الأكثر تداولا في هذه الأيام في محيطنا المحلي والعربي وبعض دول العالم، يتردد في المنزل والشارع والعمل ويأتيك ذات السؤال بشكل أكثر تفصيلا وتحليلا مدعما بمشاهد حية وأرشيفية في القنوات الفضائية التي من كثرة تركيزها ومتابعتها لتلك الضربة المنتظرة، بات من الصعب متابعة كافة ما ترصده وتبثه.

في المحيط القريب والمشاهد بدا لي أن الأكثرية مع الضربة للانتقام للقتلى والجرحى والمشردين، وأنها قد تسهم في إضعاف النظام ومن ثم إسقاطه، أما المعارضون للضربة فهم ليسوا مع بشار ونظامه لكنهم لا يريدون تكرار ما حدث في العراق، حيث الدمار والقتل والتفجيرات والفوضى التي تتسيد المشهد منذ عشر سنوات رغم قوة تلك الضربة التي أطاحت بالنظام البعثي وأركانه.

فئة ثالثة يحدوها أمل شديد أن ترى خاتمة لبشار مشابهة لخاتمة القذافي لعل ذلك يشفي صدور شعب اكتوى بجحيم ظلمه وطغيانه، لكنهم لا يودون أن تأتي تلك الخاتمة عبر صورايخ (توماهوك) و(كروز) الأميركية.

فئة رابعة تقول إنها ضد بشار إلا أن الضربة المنتظرة ستقطف ثمارها إسرائيل مثلما سبق وأن مسحت من معادلاتها وحساباتها دولة بحجم العراق بعد ضربة مماثلة قادتها أميركا قضت على جيش العراق القوي والمتمرس وقضت أيضا على دولة العراق!

وفئة خامسة تقول إن سورية لا يمكن أن تمثل أي دعم للأمة ضد إسرائيل ولا يمكن أن تهدد هذا الكيان الصهيوني البتة والتاريخ أكبر شاهد على ذلك، فضلا عن أن قوة سورية وقدراتها لا يمكن أن يراهن عليها أحد فهي غير قادرة على إحداث أي تأثير ضد العدو، وتلك الإمكانات رغم محدوديتها لا يمكن أن تظهر إلا في شوارع بيروت عبر السيارات المفخخة والاغتيال والاختطاف أو عبر استخدام الغازات السامة وكافة الأسلحة المتاحة لها ضد شعبه.

وفئة سادسة ويمثلها أكثر سكان الخليج، لا تود الدمار لسورية ولكنها في ذات الوقت تقول إن سقوط النظام السوري سينهي معاناة الشعب السوري، وسيؤثر بشكل قوي ومباشر على حزب الله اللبناني وإيران ومن يدور في فلكهم ممن عادوا دول الخليج وتدخلوا في شؤونها الداخلية بدعم ومساندة وتغطية معلنة وغير معلنة من النظام السوري على مدى سنين عديدة.

وفئة سابعة تقول إن سورية انتهت ودمرها بشكل كبير نظام بشار ولم يترك مدينة ولا قرية إلا وعاث بها فسادا ودمارا؛ حتى باتت معظم المدن السورية أطلالا وبالتالي لا أسى ولا ندم على ما تبقى من مواقع عسكرية مستهدفة من الضربة يستخدمها النظام لضرب شعبه، ولعل ما بعد الضربة يفسح مجالا لبناء سورية حديثة.

بقي أن أقول رأيي وهو أنني مع سقوط النظام بأي وسيلة دون أن يكون لهذا السقوط أي تداعيات مأساوية على الشعب السوري المكتوي أساسا بظلم وتسلط نظامه الطاغي، وألا تصل أيضا هذه التداعيات لبلادنا بشكل مباشر أو غير مباشر، فليس هناك أغلى من الأمن والأمان والاستقرار، لكنني لست متفائلا بألا يتكرر المشهد العراقي الحالي في سورية حيث ضياع كل شيء وبقاء اسم الدولة بلا دولة بينما إيران تعبث في الساحة العراقية كيفما تشاء!.