لم تعد الشقق السكنية والمكتبية في الأدوار العليا للمباني والأبراج السكنية والتجارية في محافظة الأحساء ومدن المنطقة الشرقية "مرحّبا" بها من المستأجرين المواطنين منهم والمقيمين، وتزامن ذلك مع "شعور" نزلاء الأدوار العليا في بعض المباني الشاهقة بالهزتين الأرضيتين، الناتجتين عن زلزالين منفصلين في إيران أخيرا. ولم يقتصر عدم الترحيب على الشقق في الأدوار العليا، بل امتد ليشمل كذلك رفض البعض لاستئجار شقق من مباني يتجاوز ارتفاعها الثلاثة أدوار؛ بسبب مخاوفهم من عدم أهلية وجاهزية تلك المباني للهزات والزلازل.

وذكر عبدالرحيم السالم "مواطن"، أنه بدأ يفكر جليا في استبدال شقته بشقة أخرى، تكون في الدور الأرضي أو الدور الأول كحد أقصى من المبنى، خصوصا بعد شعوره والكثيرين بالهزتين الأرضيتين، التي اعتبرهما ناقوسا يدق الخطر عليهم، ويجب على الجميع تدارك ذلك بالعمل على الأخذ بجميع الاحتياطات الضرورية تفاديا للعواقب المحتملة في حال حدوث مكروه.

وأضاف، أن الإقامة في شقق الأدوار العليا للمباني لها سلبيات عديدة بخلاف شعورهم بالهزات الأرضية، فجميع النزلاء في تلك الأدوار دون استثناء يعانون من ارتفاع درجات الحرارة في الصيف بشكل كبير؛ لأن أشعة الشمس الحارقة موجهة نحو جدران الشقة الخارجية طوال النهار، وانخفاض درجات الحرارة بشكل كبير في فصل الشتاء، وفي كلتا الحالتين يتطلب من نزلاء هذه الأدوار دفع تكاليف مضاعفة لتحصيل رسوم الكهرباء جراء استخدام الأجهزة الكهربائية خلال الصيف لأجهزة التكييف والتبريد، وفي الشتاء لأجهزة التدفئة وسخانات المياه، والاستمرار على استخدام وتشغيل الأجهزة لفترات طويلة، وهو ما يجعلها عرضة للأعطال، تلزم صيانتها على وجه السرعة دون تأخر لضرورة استخدامها دون انقطاع، علاوة على المشقة الكبيرة التي يجدها المستأجر في الصعود والنزول من الشقة وتزداد تلك المعاناة في حال عدم توفر مصاعد كهربائية أو تعطلها.

وأضاف يوسف السعيد "مواطن" أنه بالرغم من تلك السلبيات للشقق السكنية في الأدوار العليا، والتي زادت مع شعور الكثير بالهزتين الأرضيتين الأخيرتين إلا أن الفارق بين سعر شقتين أحدهما في الأدوار المنخفضة والأخرى في الأدوار المرتفعة في نفس المبنى لا يتجاوز الـ2000 ريال، مؤكدا أن الجميع يبحث حاليا عن شقق في الدور الأرضي أو الدور الأول، إلا أنهم مضطرين لاستئجار شقق في الأدوار العليا بسبب النقص في الشقق السكنية.

وأشار علي الناصر "صاحب مكتب عقار في الأحساء" إلى أن مكتبه، استقبل خلال الأربعة الأيام الماضية، مجموعة من المواطنين والمقيمين، الذين يرغبون في استئجار شقق سكنية مع اشتراطهم بأن تكون تلك الشقق في مباني سكنية لا تتجاوز الـ3 أدوار فقط، بعد شعور بعضهم بالهزتين السابقتين وبالأخص بالهزة الأولى التي كانت أكثر قربا من الهزة الثانية.

وأضاف أن بعض هؤلاء الراغبين في استئجار شقق في الدور الأرضي لم يشعروا بالهزتين إلا أنه من باب الأخذ بالحيطة، متوقعا أن تشهد أسعار إيجارات الشقق في الأدوار العليا وفي المباني الشاهقة والأبراج انخفاضا ملحوظا؛ بسبب عزوف البعض عنها، في الوقت الذي ستشهد أسعار الشقق السكنية في الأدوار الأرضية ارتفاعا؛ بسبب زيادة الطلب وقلة العرض.

ومن جانبه، أكد الباحث الفلكي رئيس قسم الفيزياء في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور علي الشكري لـ"الوطن"، أن أكثر من يشعر بالهزات الأرضية هم سكان الطبقات العليا من المباني؛ لأن الحركة الاهتزازية تكون ذات سعة أكبر وكذلك تعتمد على المواد المستخدمة في البناء وطريقة التشييد.

وأوضح أن الأبنية الخرسانية المصممة والمشيدة بطريقة علمية وهندسية سليمة تستطيع تحمل الهزات البسيطة، أما الأبنية التي بها عيوب كبيرة في التصميم والتشييد فهي معرضة للتصدع حتى دون أي تأثير خارجي وتتأثر بمعظم الأنشطة الحركية ومنها الرياح القوية والتفجيرات والهزات.

وأبان المهندس علي اليحيى "مهندس إنشائي في إحدى الشركات الوطنية"، أن أقل المواقع داخل المبنى تأثرا بالهزات والارتدادات الزلزالية المختلفة هي المواقع المجاورة للهيكل الإنشائي للمبنى "الأعمدة الخرسانية، الجسور الخرسانية"، وتنخفض مستويات الأمان في المواقع الكبيرة التي تخلو من الأعمدة الخرسانية، مضيفا، أن مواقع في المبنى، قد يشعرون بالهزة وفي مواقع أخرى من نفس المبنى لا يشعرون بهذه الهزة بالرغم من وجودهم جميعا في نفس الدور من المبنى، وعادة هؤلاء الذين لا يشعرون بهذه الهزة هم القريبين من الأعمدة الخرسانية والجسور باعتبار أن معدلات القوة للمبنى ترتكز في هذه المواقع.

إلى ذلك، أكد رئيس قسم النظم الجغرافية في أمانة الأحساء المهندس أحمد المطر، أن الهياكل الإنشائية الحديدية أكثر مقاومة من الهياكل الخرسانية، وكلما علا المبنى أصبح أكثر حساسية تجاه هذه الهزات، لذلك تلجأ كثير من الدول التي تقع على خط الزلازل "تلاقي الصفائح التكتونية" كاليابان وغيرها، إلى فرض قوانين صارمة لتطبيق المواصفات الخاصة بمقاومة الزلازل وإلزام جميع تصاميم المباني بها، ونحن في المملكة ومنذ حدوث هزات تبوك، تم إصدار كود خاص بمقاومة الزلازل وتم تعميمه لجميع الأمانات.