"الكراسي" بين حالين.. تشفق على بعضها ممن عليها،.. وتتمنى بعضها، وتخشى من بعضها.. لكنها بكل الأحوال تستحق التأمل والتفكر في حالها وحال من عليها وحال من يتقرب منها أو يُقرب منها.
كان تعريف "الكرسي" لا يتعدى كونه "الشيء الذي يُجلس عليه للراحة أو الانتظار"، وكان يكفي في تعريف أنواعها كلمة "شيء" يمكن الجلوس عليه دون أن يتشكل.. وتطور "الكرسي" وتغير حاله، كما تطورت الحياة بكل مكوناتها، وكما تغير حال الإنسان من البدائية إلى المدنية والتحضر.
وأصبحت اليوم "الكراسي" تحمل تعريفات كثيرة، وتتبوأ مناصب كبيرة، وتتشكل بأنواع متعددة، وتحمل أنواعا من البشر لا يجمعهم إلا "الطين والماء".. فمنها كرسي المسؤول وهو أنواع، وكرسي الدراسة وهي أحجام، وكرسي الضيافة وهي ألوان، ومنها الكنبة والأريكة، ومنها الكراسي الفخمة ومنها الوضيعة، ومنها الجلدية والخشبية والحديدية والبلاستيكية، وبينها الكرسي الدوار والكرسي المتحرك وكرسي الحلاق وكرسي الاسترخاء.. وأخيرا كرسي التحقيق.
حين يتولى أي مسوؤل إدارة يعتلي "الكرسي"، ويدير إدارته من فوق "كرسي المسؤول"، ويختلف المسؤول باختلاف كرسيه الذي يختار الإدارة من عليه.
بعض المسؤولين يدير مسؤولياته من على "كرسي دوار"، ليرى كل ما حوله ويستشرف كل الاتجاهات، وبعضهم يديرها من "كرسي متحرك" يحتاج إلى من يدفعه ويذهب به إلى أقسام إدارته ليتابع العمل ويشرف على أداء الموظفين، لكنه سيذهب إلى حيث يريد المتفضل عليه بـ"الدفع"، وبعضهم يستبدل كرسي الإدارة بـ"كنبة فخمة" يعجز عن تحريكها عصبة أولو قوة، فيبقى حبيس المكتب يتابع أعمال إدارته ورقيا، وبعضهم لا يخجل من إدارة مسؤولياته من على "كرسي استرخاء"، ولا مانع من شمسية وعصير ونظارة سوداء.
الكراسي تنال من حب المسؤول الكثير أيا كان نوعها، لذلك لم ولن ترى مسؤولا ينزل عن كرسيه بطوع إرادته وكامل رغبته، حتى "التقاعد" تجده يكافحه بالتمديد و"الواسطة".
(بين قوسين)
للتفكر، كرسي المسؤول الحكومي يقترن اقترانا وثيقا بالمظاهر.. بينما كرسي المسؤول في القطاع الخاص يقترن بالرواتب العالية.. لماذا؟