محمود أحمد مُنشي


شهد الجميع في هذه المُناسبة الوطنية العزيزة على قُلوبنا، التي تجسدت فيها التلاحم والترابط الوثيق بين أبناء هذا الوطن وقيادته الحكيمة، بقيادة حبيب الشعب خادم الحرمين الشريفين الملك المُبارك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وسمو النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ـ أيدهم الله ـ الذين لا يألون جُهدا ولا يدخرون وسعا، من أجل إبراز هذه التظاهرة الثقافية الكبرى التي هي امتداد لتاريخنا المجيد، وربطه بالحاضر وبالمستقبل الزاهر والمشرق الوضاء إن شاء الله، وتأتي المتابعة الدؤوبة من الأمير متعب بن عبدالله، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني رئيس اللجنة العليا للمهرجان، إذ سخر جُلّ وقته وهو إضافة ودفعة قوية لظهور المهرجان بالصورة الرائعة التي نراها جميعا، هذا يدل على اهتمام الدولة ـ وفقها الله ـ على هذا الموروث وبالتقاليد والقيم العربية والإسلامية الأصيلة، وتأصيل موروثاتنا الوطنية العريقة والحفاظ عليها كي تبقى مثالا يُحتذى لتفخر به الأجيال الحاضرة والقادمة بإذن الله، فقد وفرت قيادتنا الرشيدة الإمكانات كافة، وذللت كل الصعاب ليخرج هذا العُرس الوطني بالمظهر اللائق، أمام كل مرتاديه وزواره من داخل المملكة وخارجها، لقد أثبتت المهرجانات الوطنية للتراث والثقافة نجاحها وتميزها على مر السنين، خلال الثلاثة عقود تقريبا، وحتى في دورتها الثامنة والعشرين الحالية كانت محط أنظار وإعجاب الحضور، إذ حفلت بمختلف البرامج: مسابقات دينية، ثقافية، العروض الشعبية، الفنية، المحاضرات، الندوات الثقافية والاجتماعية، يأتي إليها أشقاء وأصدقاء من كل أرجاء المعمورة؛ لتبادل الرؤى والثقافات في جو من التآخي والشفافية ووسط أرضية وأجواء مناخية ملائمة، إذ تم هذا العام دعوة جمهورية الصين للمشاركة كضيف شرف لهذا المهرجان، وتم تأمين وتخصيص جناح متكامل على مساحة 2000م يتم فيه عرض جميع التراث ومورثهم الشعبي الخاص بهم.

فكيف إذا عرفنا أن مجد أمة وتاريخها ينعكس من مرآة صافية رُسمت بالجهد والجد والمثابرة والدراسة المستفيضة، توخى الرسام الذي أبدعها الصدق والأمانة في التناول والعرض. أضحت أمنية ورغبة كثير من المثقفين والعلماء المبدعين في العالم أن يكونوا ضمن المشاركين في هذا المهرجان وهذه الأمسيات الثقافية الكُبرى.

تبقى الجنادرية باسمها المشرق تلبس حُلة قشيبة كل عام، وتتسع فيها قاعدة ودائرة المشاركة لتبرز الإبداع .. فهذا اللقاء يدور في أروقته وجنباته جو من المصداقية يلتقي الجميع تحت سقف الحوار الهادف البناء والكلمة الرصينة المعبرة من تطلعات هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس... لها جذور من القيم الضاربة في أعماق التاريخ.

لا يتكلم فيها أو عنها إلا الشرفاء، فنتاجها يرسخ في العقل، ويسكن القلوب لتخرج العصارة لتزين صفحات التاريخ بأمجاد هذا الوطن الكبير.. تنقل الصورة الحقيقية الواضحة المعالم.. ويعرف الجميع تماما وزن المملكة وثقلها.. ويمحو الأخطاء العالقة، ويصحح المفاهيم المغلوطة في ذهن الغرب، ومن وسوس له الشيطان من رواسب تلك الطغمة الحاقدة والفاسدة.. ويعلم تماما أن هذه البلاد الطاهرة أرض السلام والمحبة والوئام؛ لأن الإنسان فيها أغلى ما نملك. إن مشاركة المرأة مشاركة فاعلة طوال تاريخ المهرجان. فالمرأة السعودية أثبتت على مر السنين أن لها دورا كبيرا تضطلع به في ظل ما تمليه عليها العقيدة الإسلامية، وما تربت عليه من ثوابت وقيم. فلها مساهمات متعددة في إثراء المجتمع، فهي تعمل وتبني ضمن المنظومة الكبيرة، وتشارك بفكرها، حوارها، وطرحها، فهي جزء من هذا المجتمع.

والمهرجان الوطني للتراث والثقافة، بات عُرسا يزداد بريقه عاما بعد عام، ويحظى بتقدير وثناء شريحة عريضة من العلماء، المُثقفين، والأدباء، وكل المهتمين، وبحضور أكبر ومتابعة أوسع للاهتمام المنقطع النظير الذي توليه حكومتنا الرشيدة لما هيأته من ظروف وإمكانات، وهذا الحضور ما هو إلا ترجمة صادقة ومرآة عاكسة لتاريخنا وحضارتنا، ومنعطف هام يبلور أهمية هذا الملتقى والجدوى من انعقاده، والآمال المعقودة عليه في ظل ما نواجهه من تحديات وحملات شرسة ومضللة.. ومدى أهمية الحوار الموضوعي الجاد. السعي حثيثا في مناقشة القضايا العالقة في أذهان الكثير، التي تشغل الساحة، الفكر، والإنسان.

إن هذا المنتدى العالمي بات حدثا هاما يترقبه الكثير لأهميته. فإن معظم دول العالم تتناقله وتبث انطلاقته وبلغات مختلفة، فيرى ويشاهد الملتقى وكأنه مشارك في هذه المناسبة، مما يرسخ الصورة الحقيقية في ذهنه.

وإن هذا الحشد من الضيوف والمشاركين يعتبرون مشاعل الأمة، التي تستضيء بها في معالم طريقها، فهم يرسمون آفاق المستقبل، ويحملون على كاهلهم رسالة سامية نحو أمتهم ومجتمعاتهم. وإن ما تقوم به المملكة في هذا السبيل وهي تفتح ذراعيها لهؤلاء النخبة، إنما تؤدي واجبا هي أهل له.