لم يكن مفاجئا أن يكون وزير التربية والتعليم داخل الفصول الدراسية، في زيارة مفاجئة، مع أول يوم دراسي، فهذا من صميم عمله وضمن واجباته المتعددة تجاه المؤسسة التي يديرها والأجيال التي يقوم على رعايتها وتعليمها.

المفاجئ للمتابعين والمراقبين من خارج سلك التعليم كان منظر الفصل الدراسي الذي وقف عليه الوزير، وقد حملت الصور التي وثقت الزيارة وظهر فيها الوزير داخل فصل دراسي "مخجل"؛ أسئلة كبيرة حامت معظمها حول موازنة الوزارة الضخمة مقابل رداءة المباني الدراسية والفصول.

الأرقام تقول إن ميزانية وزارة التربية والتعليم عام 2013 تصل إلى 83 مليارا، يخصص منها ما يقارب 12 مليارا للمباني المدرسية، وبهذا المبلغ الذي يساوي ميزانية دولة من دول الشرق الأوسط، يمكن للوزارة أن تبني مجمعات دراسية نموذجية على أحدث طراز وبأكبر الإمكانات وتعمر لـ20 عاما.

ولو ذهبنا إلى أبعد من هذه النقطة، سنجد أن القطاع الخاص غائب تماما عن دوره المجتمعي في دعم التعليم، وفي الدول التي تعي تماما أهمية التعليم وتربية النشء في بيئة جيدة، تفرض الدولة على البنوك وكبرى الشركات المساهمة في بناء المدراس سنويا كنوع من المسؤولية الاجتماعية وبذلك توزع الأدوار وتحل المشكلة في سنة أو سنتين.

المبنى المدرسي هو الذي يشكل البيئة الصالحة للعملية التعليمية بالنسبة للطالب والمعلم ومتى ما كان المبني نموذجيا ومكتمل الخدمات، جاءت مخرجات التعليم جيدة، والمدارس الأهلية مثال واضح على ذلك، فرغم تواضع مستوى معلميها وتدني رواتبهم مقارنة بالحكومية إلا أن الطالب فيها يرتفع مستواه تلقائيا، لماذا؟ لأن المباني جيدة وتخضع لعمليات صيانة ومتابعة دورية وتطلى بألوان زاهية وتوفر للطالب خدمات إضافية.

وكل ذلك ينعكس على نفسية الطالب الذي هو لب العملية التربوية وبالتالي تنشأ علاقة ود مع المدرسة، لا يعرفها ذلك الطالب الذي يدرس في فصل دراسي كان في الأصل "مطبخا" أو "مقلطا".