ما بين التريث في الحكم على خلفيات "هجوم بوسطن" ومن يقف خلفه، يبرز جليا تفرد توجيه الرأي العام من قبل الإعلام الأميركي والغربي دون ارتباط مؤسسي ما بين أجهزة الإعلام تلك، والرئاسة الأميركية.

واشنطن التي طالما اعتمدت توجيه أصابع اتهامها للعالم الإسلامي بشكلٍ متسرع ما إن تعرضت مصالحها سواءً في الداخل أو الخارج للخطر، خلال مرحلة الإدارة الأميركية السابقة، تبدو حالياً وفي إدارة باراك أوباما، مائلةً نوعاً ما للهدوء في إطلاق الأحكام. ووفقا لأستاذ الترجمة المشارك بجامعة الملك سعود الدكتور محمد العبد اللطيف، فإن ذلك يعكس العلاقة التي أسستها الإدارة الحالية مع العالم الإسلامي، وهي الأجندة التي أسس لها أوباما منذ توليه إدارة البلاد، في إطار حملة تحسين صورة الولايات المتحدة في أوساط الرأي العام العربي والإسلامي.

ويصف العبد اللطيف صوت الإعلام الأميركي بـ"الأقوى من صوت الإدارة الأميركية، على اعتبار أن العديد من تلك الوسائل، تندرج في إطار شركات كبرى، لها أجنداتها التي قد تخدم أطرافا خارج الولايات المتحدة كإسرائيل على سبيل المثال".

ويلحظ المتابع لتبعات أحداث "مارثون بوسطن" وما شهدته الولاية من فوضى عارمة جراء العمل، سير الإدارة في تصور معين، فيما تستبق بعض وسائل الإعلام الأميركية بفرض تصور جازم، مفاده أن العمل من تدبير القاعدة دون انتظار ما يمكن أن تسفر عنه التحقيقات. ووفقا للعبد اللطيف فقد تجسد في وصف بعض تلك الوسائل لمنفذ التفجيرات بـ"الإسلامي" ضاربةً بعرض الحائط مطالبة الإدارة بالتريث وعدم إطلاق الأحكام قبل الوصول إلى دليل قاطع حول من يقف وراء الحادث.

ويقول العبد اللطيف "الأحداث التي شهدتها الولايات المتحدة خلال فترة إدارة بوش الابن، كان الإعلام الأميركي والعربي يسير وفق خطاها، ويفرض ذلك تأسيس عملية تبادل للأدوار في تلك الحقبة، الجميع يتذكر كيف استنفر بوش الإعلام الأميركي خلال فترة إدارته، على اعتبار أن مصالح إدارته كانت متطابقةً مع أهداف وأجندة تلك الوسائل، إلا أن الأمر اختلف في إدارة أوباما، الذي أسس لمكتسباتٍ في منطقة الشرق الأوسط، تقوم على احترام العلاقة مع المسلمين، مسنودةً بتحسين صورة الولايات المتحدة في المنطقة الأكثر حساسيةً في العالم، ومن هذا المنطلق يلحظ المتابع أو المراقب أن صوت أوباما يميل أحياناً للضعف في مقابل تلك الشركات الإعلامية الكبرى، التي تملك القدرة على التأثير في الرأي العام الأميركي، والعالمي على حد سواء".