لماذا المتسولون في كل مكان يثيرون تعاطفنا ويحظون بعطائنا، إلا المتسول في بلادنا.. تجدنا نغلق نوافذ سياراتنا عنهم عند إشارات المرور، أو نصد عنهم عند أبواب المساجد.. أو نتجاوزهم مسرعين عندما يصادفوننا في الأماكن العامة؟!
لكننا في الخارج نفتح محافظنا بسرور حينما يصادفوننا ونمنحهم ما تجود به أنفسنا.. نعطيهم بسخاء.. ونرفق عطاءنا بابتسامة!.
الفرق أن المتسول في بلادنا يمد يده لك دون أن يقدم لك ما يشفع له بمد يده.. بل حتى مظهره يدل على الصحة والقوة والشباب.. فكيف تطمئن نفسك له؟!
في الخارج يكون المتسول أنيقا في تسوله.. يمد لك وردة بينما أنت لا تريدها لكنك لا تستطيع رفضها.. فتقدم له ما تريد.. هناك من يعزف لك مقطوعة موسيقية.. هناك من يقدم استعراضات راقصة، أو فنون شعبية في الميادين العامة، وفي الشوارع الشهيرة.. كل هؤلاء بالمناسبة لا يطلبون منك شيئا.. كل ما يفعلونه هو وضع إناء أو "كرتون"، ولك الحرية أن تقدم ما تريد أو تمضي في حال سبيلك..
قبل أيام قرأت تقريرا يكشف أن دخل المتسول في السعودية يبلغ 60 ألف ريال شهريا.. وهو ما يعني أن المسألة تحولت لجريمة منظمة فعلا.. وغالبية هؤلاء من النساء والأطفال.. وهو ما يعني أيضا أنها تحولت لما يعرف بـ"الاتجار بالبشر".
لا أعرف نظاما صريحا يعاقب على التسول.. ولذلك ليت الجهات الأمنية التي تقبض على المتسولين عوضا عن أن تكتب عليهم التعهدات أن تقترح عليهم عملا جميلا، يدر عليهم دخلا جيدا، ويحفظ ماء وجوههم.. عوضا عن مد اليد دون ما يكون هناك مبرر لنا كي نقدم لهم المال!.