لا توجد جهة حكومية تتلقى هجوماً شديداً في الإعلام وتعمل تحت ضغط مثل الهيئة العامة للطيران المدني.
والسبب في هذا بسيط لأن الهيئة وعدت المواطنين بتطوير قطاع الطيران المحلي فيما ظل واقعه ومستقبله غير مقنع.
فمن ناحية المطارات يحتاج المواطن حتى خمس سنوات حتى يرى مطارات "تشرح القلب"، وأما من ناحية الطائرات فشركات الطيران الاقتصادي لم ترض تطلعات المواطنين وزادت من تشاؤمهم حول مستقبل "الخصخصة" التي لم يستفد منها لا المواطن ولا الشركات التي تخدمه.
ومن الصعب إرضاء ذوق المواطن لأنه شاهد العديد من المطارات الدولية "الفخمة" و"السعيدة" وسافر على الكثير من الشركات "الراقية"، وهو لا يحب أن يكون أقل من باقي المواطنين في دول العالم.
كلنا يتمنى أن تكون هناك مطارات "سعيدة" في بلدنا ولكن لن يستطيع فعل هذا سوى الهيئة التي يتمنى المواطنون الغاضبون زوالها.
والهيئة أمامها تحديات صعبة أولها هو إعادة ثقة المواطن فيها، وثانيهما هو إقناعه بأنه سيضطر للدفع من جيبه للمساهمة في خصخصة مشاريعها لأن دخل الهيئة المستقبلي سيأتي كله من المسافرين لا من الدولة نظراً لأن الدولة أعطتها 10 سنوات لإنهاء "الخصخصة" المؤلمة.
وحتى يستوعب الكل التحدي الذي تواجهه الهيئة فإن الدولة تقوم بتقليص ميزانيتها بنسبة 10% سنوياً مما يعني أنها لن تحصل على "ريال" من الدولة بحلول عام 2016.
ولكن الهيئة أخطأت عندما بدأت الخصخصة وبدأت فرض الرسوم على المواطن قبل أن تفتح معه صفحة جديدة.
لقد انتقلت الهيئة بين عشية وضحاها من هيئة تدير مطارات "بائسة" ومتهالكة إلى هيئة تسابق الزمن للارتقاء بهذه المطارات وتوسعتها وإنشاء مطارات جديدة و"سعيدة" وتحويل بعض الداخلية منها إلى دولية. ولكن هذه النقلة التي لن نجني ثمارها إلا بعد خمسة أعوام على الأقل أي في 2015، كانت أكبر من استيعاب الناس لها لأنها كانت مفاجئة.
يجب أن تعلم هيئة الطيران المدني أن ماضيها (الذي بدأ يتغير إلى الأحسن) لا يزال عالقاً في عقول الناس، وأن الناس لديهم أزمة ثقة في الوعود المستقبلية لأن هناك "هيئات عامة" كثيرة وعدت المواطن بالكثير منذ زمن ولم نر منه شيئاً. ويجب أن تتحلى الهيئة بالصبر فوضع مطاراتنا "البائسة" سيظل عالقاً في الأذهان حتى بعد انتهاء كل مشاريع تطوير هذه المطارات.
ويجب أن يتحلى المواطن ببعض الثقة والتفاؤل لأن التشاؤم والإحباط لن يغير الواقع وسيحبط جهود كل من يريد تغييره إلى الأحسن، ولننتظر كلنا عام 2015.