منذ إجبار الفلسطينيين على دخول "محادثات السلام" التي أعدها أوباما وكيري في يوليو، وسعت إسرائيل مستوطناتها في القدس الشرقية بزيادة 1500 منزل في مستوطنة رامات شلومو غير القانونية؛ وضربت غزة بصواريخ كروز في 13 أغسطس، قبل ساعات فقط من بدء جولة محادثات "سلام" في القدس؛ ومنذ أيام قليلة، قتلت 3 شبان فلسطينيين في مخيم قلنديا للاجئين في رام الله.

قوات خاصة من الجيش الإسرائيلي ترتدي ملابس مدنية دخلت مخيم قلنديا حوالي الساعة 5 صباحا في 26 أغسطس وقتلت 3 فلسطينيين وجرحت 15 آخرين، بعضهم جراحه خطيرة. جهاد أصلان، 20 سنة، أحد الفلسطينيين الذين قتلوا في هذا الهجوم، ولد في نفس الفترة التي وقعت فيها اتفاقيات أوسلو تقريبا، والتي تكمل 20 سنة في الشهر الماضي. ولد في وقت ساد فيه الأمل، وقتل في وقت الخيانة.

كالعادة، ادعى الصهاينة أنهم فعلوا ذلك دفاعا عن النفس. شهود عيان صرحوا لوكالة أنباء "معان" أن قواتاً إسرائيلية ترتدي ملابس مدنية أغارت على المخيم في حوالي الساعة 5 صباحا واعتقلت يوسف الخطيب، الذي أطلق سراحه مؤخرا بعد أن قضى 10 سنوات في السجون الإسرائيلية. تذكروا أن إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين كان يفترض أن يكون "عرضا لحسن النية".

لكن مصادر مطلعة في واشنطن لا ترى دلائل على "حسن النية". منذ البداية، ذكرت تقارير أن جزءا من الصفقة لإقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالجلوس مع الفلسطينيين وإطلاق سراح أولئك الذين تقول عنهم حكومته "فلسطينيون قتلة" كان إعطاءه الضوء الأخضر لتوسيع المستوطنات. ثانيا، في كل مرة كان يُطلق فيها سجناء فلسطينيون في الماضي، كانوا يقتلون أعدادا من الفلسطينيين بوسائل مختلفة من الاغتيال إلى الحرب الشاملة على غزة.

هناك عيب أكبر في إجبار الفلسطينيين على دخول ما يسمى محادثات السلام، بحسب السفير المتقاعد شاس فريمان، وهو أحد الشخصيات المعروفة بأنها تصرح عادة بالحقيقة بخصوص إسرائيل والفلسطينيين والسياسة الخارجية بشكل عام. في مقال نشر مؤخرا في مجلة "المحافظ الأميركي" (ذا أمريكان كونسيرفاتيف)، يقتبس الصحفي سكوت ماكونل العبارة التالية عن السفير فريمان في تقييمه لمبادرة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الجديدة بخصوص الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي:

"يبدو لي أن بنية هذه المحادثات تتجاهل وتنتهك حكمة دبلوماسية أساسية. الاتفاقية التي تستثني وتفشل في التعامل مع مصالح أولئك الذين لديهم قدرة على إفشالها ليست اتفاقية على الإطلاق.

"تم تقسيم فلسطين بالكامل الآن إلى أربع أجزاء. المواطنون الفلسطينيون العرب في إسرائيل تم تجاهلهم من قبل السلطات الإسرائيلية ونسيهم المجتمع الدولي. الأجزاء الثلاثة الأخرى لفلسطين هي الضفة الغربية، قطاع غزة، وفلسطينيو الشتات الذي أجبروا على النزوح من بيوتهم ليسكنوا مخيمات لاجئين ودولا أجنبية.

"من بين هذه الأجزاء الثلاثة، السلطة الفلسطينية، التي عينتها الولايات المتحدة لتمثل المصالح الفلسطينية في المفاوضات مع إسرائيل، والتي تتحدث الآن مع الحكومة الإسرائيلية برعاية أميركية هي الأضعف. هي تفتقر إلى تفويض شعبي، وهي تعتمد على المساعدات الأجنبية والضرائب التي تجمعها إسرائيل، وتعتمد على أقوى مؤيد لإسرائيل للحصول على تنازلات من إسرائيل...

"في يناير 2006، حصلت حماس على تفويض شعبي لحكم كل فلسطين وراء حدود 1967 مع إسرائيل. هي الآن محاصرة في غزة. لا حماس ولا الفلسطينيون في غزة ممثلون في ما يسمى عملية السلام...

"الـ 7 ملايين فلسطيني الذين يعيشون خارج وطنهم غير ممثلين في المناقشات حول مستقبلهم منذ إعلان قيام السلطة الفلسطينية في اتفاقيات أوسلو. الانتقام من طرفهم لن يتم شفاؤه بواسطة اتفاق بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

"لا أرى كيف يمكن لـ"عملية السلام" التي ابتدعها جون كيري أن تكون طريقا إلى السلام حتى لعشرين بالمائة من الفلسطينيين (الذين في الضفة الغربية) والذين يفترض أن تتعامل المحادثات مع مستقبلهم. السلام الذي يقترح استثناء حوالي أربعة أخماس الفلسطينيين عملية احتيال دبلوماسية تعاني من عيب قاتل – ليس الأول بالطبع في هذه الساحة."

داخل واشنطن، يعتبر شاس فريمان صوتا لا يمكن تجاهل حكمته. بعد 30 سنة من الخدمة الدبلوماسية والحكومية، من بينها أنه كان سفيرا في بريطانيا والسعودية، ومعاونا لوزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي، خدم فريمان في نفس الوقت كرئيس لمجلس سياسة الشرق الأوسط، رئيسا مشاركا لمؤسسة سياسة الصين والولايات المتحدة، ونائب رئيس مجلس الأطلسي في الولايات المتحدة. في عام 2009، تم اختياره رئيسا لمجلس الاستخبارات الوطنية، لكنه انسحب بعد تعرضه لهجوم قوي من اللوبي اليميني الصهيوني، ولم يظهر البيت الأبيض دعما له في وجه اللوبي.

وبشكل مماثل، لا يتوقع أن يدعم البيت الأبيض الفلسطينيين ضد انتهاكات القانون الدولي التي يقوم بها نتنياهو والإسرائيليون فيما تستمر محادثات "السلام" هذه –إذا لم يتم إزاحتها عن الطاولة بشكل نهائي.