ظلت القطيف لعقود طويلة واحدة من أكبر الواحات الزراعية في المملكة، تضم عددا كبيرا من أشجار النخيل والتفاح والليمون البلدي والموز صغير الحبة والمنتجات المتنوعة من طماطم الرامسي والكنار والتوت المحلي. واعتمدت الواحة عبر التاريخ على مواردها المائية كمصدر وحيد للري في مزارعها المترامية الأطراف، إلا أن نضوب أغلب عيون القطيف المائية تسبب في جدب معظم أراضيها وتقلص المساحات الزراعية.
الواحة التي كانت تغطي أشجارها طرقاتها، وفي كثير من الأحيان كان لا يشعر أهلها بحر الصيف بسبب كثافة الغطاء النباتي ووفرة المياه في العيون المنتشرة فيها، بدأت التخلي عن ذلك في السنوات الأخيرة بعد نضوب أغلب عيون القطيف المائية، وهو الأمر الذي يعزوه البيئيون إلى أكثر من سبب؛ منها ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض بشكل عام، إلا أن المزارعين في القطيف يختلفون معهم كثيرا ويرجعون السبب في نضوب العيون لانخفاض مستوى المياه الجوفية لأعماق أكبر بعد عمليات استخراج النفط من الطبقات الأدنى، مقابل حلول مياه البحر كبديل لها، الأمر الذي رفع مستوى الملوحة ونزل بمستوى المياه إلى أعماق لاختلاف كثافة الماء عن الزيت.
ويقول علوي الشعلة، أحد المزارعين في المحافظة: "كانت مياه العيون تجري بوفرة لدرجة أننا كنا نستخدم دفع المياه حال جريانها القوي لنقل الأخشاب الثقيلة التي يصعب علينا حملها، بينما الآن لا توجد مياه في العيون وتحولت مجاريها الغنية بالمياه إلى مجار جافة ويابسة"، ويتذكر الشعلة بألم كيف كانت العيون تستخدم في الكثير من المجالات وتصل مجاريها للقرى للشرب أو للغسيل أو للاستحمام، بينما تحدث جواد الزاير عن صعوبة ري مزارعه المختلفة بسبب نقص المياه مما قلل من زراعة المنتجات المحلية مثل الليمون أوالتفاح أو الموز.. التي لم يعد الجميع يرغب بزراعتها بسبب الحاجة الكبيرة للمياه. وأضاف الزاير أن زراعة النخيل هي الأخرى تضررت بسبب الحاجة للمياه من ناحية وسوسة النخيل من ناحية أخرى.
من جانبها، سعت هيئة الري والصرف لإيجاد حلول لنقص المياه الواضح في واحتي القطيف والأحساء، وخرجت بفكرة استخدام المياه المعالجة والتي احتاجت بعض الوقت ليستوعبها مزارعو الواحتين، كما سعت الهيئة لضخ المياه بعدة أساليب، منها المصارف المغلقة، وخصصت في ميزانيتها السنوية مشاريع تنموية لضخ المياه للمزارع بطرق سلسة.