لم يكن مستغربا أن يخرج الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم السبت الماضي بخطابه المنتظر ليعلن أنه سيسعى للحصول على موافقة الكونغرس الأميركي على رد عسكري ضد سورية، وذلك لتجاوز النظام السوري ما أسماه بـ"الخط الأحمر" باستخدامه للسلاح الكيميائي ضد شعبه، في وقت تنفس الصعداء ولو مؤقتا قبلها بأيام معدودة النظام البعثي في دمشق بعد هزيمة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون في مجلس العموم والذي صوت ضد التدخل البريطاني في أي عمل عسكري ضد سورية.
إدارة الرئيس الأميركي تعمل على عكس ما يعتقده الكثيرون، فهي تقوم فقط بمسرحية "فرد عضلات" من أجل رد ماء الوجه دوليا، والقول بأننا ما زلنا شرطي العالم الذي يحدد ما هو مقبول وما هو مرفوض، وليس من أجل وضع حد للمجازر التي ترتكب ضد الشعب الأعزل، في وقت ثبت النظام العالمي جبنه ونفاقه في تغليب الإنساني على السياسي، ولتكشف مجددا عن تناقض صريح بين ما تدعيه من سعيها في حماية الشعوب، وبين تغليب مصالحها السياسية ضمن لعبة السياسة الدولية.
العرب ـ بطبيعة الحال ـ منقسمون كعادتهم، ومن بينهم الثوار السوريون، بين مؤيد ومعارض للضربة العسكرية الأميركية، اعتقادا منهم بأن ذلك التحرك والذي ينتظر أن يناقش من أجل إقراره أو رفضه في اجتماع الكونغرس في التاسع من سبتمبر القادم، سيكون التحرك الذي سينهي الحرب الدائرة في سورية، وأن ذلك سيكون الموعد الذي تبدأ فيه المواجهة النهائية بين قوى الغرب والديمقراطية وبين "المعسكر الإيراني، الحزب اللاتي الأسدي المدعوم روسيا"، بينما في الحقيقة لا يعد التحرك الأميركي، إن حدث، سوى "صفعة على وجه"، و"قرصة على خد" ـ كما يقال ـ لنظام ما زال يقتل ويتحرك بحماية دولية ودعم لا إنساني مجرم.
البعض يعتقد أن أميركا لا تريد أن تدخل حربا جديدة، خوفا من ردات فعل إيرانية، وربما روسية، جراء ذلك، بينما إسرائيل، وخلال هذا العام فقط، تمكنت من مهاجمة الأراضي السورية مرارا وتكرارا دون أن يستطيع النظام السوري المتخندق، أو أسيادهم الإيرانيون والحزب اللاتي، أن يردوا ولو بإطلاق حجرة واحدة تتجاوز حدود سورية المغتصبة منذ عقود، كرد فعل على ذلك.
الهجوم الأميركي ـ إن حدث ـ قد لا يكون أكثر من حملة إعلامية أمريكية مفادها: "إن أردتم أن تقتلوا الشعب، يرجى عدم استخدام الأسلحة المتطورة، فهي حكر لنا فقط".