ما هي السعادة؟
أكاد أجزم أن الكثيرين قد تعرضوا لمثل هذا التساؤل الفلسفي المتكرر، وكانت الإجابات متنوعة بالطبع، بل كانت تختلف حسب الحالة الذهنية والبيئة المحيطة، لكن الهدف النهائي من فكرة السعادة يكاد يكون موحداً لدى أغلب البشر.
ارتباط السعادة بالبهجة والاستمتاع باللحظة، يؤكد اتصالها المباشر بالراحة النفسية الداخلية، والتي تعتبر الركن الأساسي لأي سعادة كانت، فالعطاء مثلاً، وإن كانت السعادة الناتجة عنه تتجاوز الشخص المعطي إلى من تلقى العطاء، إلا أن الراحة النفسية تبدأ من "نيّة" العطاء أولاً، وهكذا دواليك، فالشاهد هنا أن السعادة مفهوم لا يتحقق والإنسان يعيش وحيداً، لأنها شعور يستلزم وجود من نشاركه هذه المشاعر حتى نحس بها، وحتى يعم جوٌ من البهجة الصادقة للجميع، فتزداد السعادة لدينا أضعافاً مضاعفة.
السعادة ليست كنزاً مخبأ تحت الثرى، بل هي واضحة وضوح الشمس في كبد السماء، لكن الحصول عليها شاق وصعب، ويحتاج الكثير من التضحيات، ليست المادية فقط، ولكنها تضحيات تتجاوز شهواتنا، إلى أن تصل إلى جوهر "الفؤاد"، وهو أن "تحب لغيرك ما تحب لنفسك"، حينها لن تأسى على ما فاتك، ولن تضيع وقتك في الحصول على ما سبقك به الآخرون، والشواهد كثيرة لمن جمع الملايين وحقق الشهرة؛ لكنه لم يذق طعماً حقيقياً للسعادة، وأقصد بذلك بهجة القلب الصادقة، وليس سعادة حب التملّك أو إطفاء الشهوات!
خلاصة الحديث: جوهر السعادة يبدأ في قلبك، ولكنك لن نستطيع الشعور بها دون أن تشرك الآخرين في ما تحب وما يسعدك، حينها سوف تتضاعف مصادر سعادتك، وتصبح أنت مصدراً لسعادة الآخرين كذلك.