أدى إعلان جبهة النصرة التي تشكل قسما من المعارضة السورية المسلحة انضمامها لتنظيم القاعدة بالعراق إلى موجة جديدة من النقاش داخل إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما حول ما إذا كان على واشنطن أن تزيل من تحفظاتها على تسليح المعارضة أم أن ذلك يؤكد صحة الإحجام عن أي خطوة لزيادة الدور الأميركي في المواجهات الحالية بسورية.

ويقول من يرون مواصلة السياسة المتحفظة الحالية إن الهدف النهائي ينبغي أن يظل التوصل لتسوية دبلوماسية من شأنها إخراج الرئيس السوري بشار الأسد من السلطة والحفاظ في نفس الوقت على مؤسسات الدولة لتجنب تكرار ما حدث بالعراق بعد 2003، وفي ليبيا العام الماضي.

وتستبعد التسوية الدبلوماسية المأمولة في نظر هذا الفريق إمكانية زيادة تسليح المعارضة للحد الذي يتيح لها إسقاط الأسد في عملية شاملة يمكن أن تؤدي أيضا لانهيار الجيش والشرطة وبقية مؤسسات الدولة. ويضيف أصحاب هذا الرأي أن انضمام جبهة النصرة إلى القاعدة يعني أنه من الصعب "ضبط" المدى الذي يمكن أن تندفع إليه المعارضة التي يمكن في اندفاعها نحو دمشق أن تطيح أيضا بأعمدة الدولة، كما يمكنها أن تفعل ذلك إذا وصلت للسلطة على أنقاض نظام الأسد. وفي نهاية المطاف فإنهم يرون أن تسليح المعارضة بصفة عامة يظل بالتالي هدفا متناقضا مع السعي للتوصل إلى تسوية دبلوماسية تنهي الأزمة.

وفي المقابل يرى أصحاب وجهة النظر الأخرى أن إعلان جبهة النصرة يزيد من خلل التوازن في صفوف جماعات المعارضة المسلحة. فثمة مجموعة تتلقى الدعم من القاعدة على نحو يمكنها من توسعة مساحات سيطرتها ونفوذها على خريطة المعارضة، وثمة مجموعات أخرى لا تتلقى إلا الوجبات الغذائية وحقائب الإسعافات الأولية وما تيسر من أسلحة صغيرة، ومن ثم فإنها تفقد تدريجيا قدرتها على التأثير لحساب جبهة النصرة ومنظمة القاعدة.

ويرى أصحاب هذا الرأي أن قرار جبهة النصرة ينبغي أن يؤخذ باعتباره دليلا جديدا على ضرورة دعم جماعات المعارضة المعتدلة وليس العكس. فمساعدة المعارضة المعتدلة سيؤدي لتوسعة مساحتها على خريطة المعارضة ومن ثم إمكانية ضبط اندفاع الأحداث بحيث يمكن إجراء تلك العملية التي تستهدف إبعاد الأسد ورجاله ومن تورطوا في قتل الشعب مع الإبقاء على مؤسسات النظام في الوقت نفسه.

وبينما يبدو الرأي الثاني هو الأقرب للمنطق لاسيما أن الاسد لا يبدي أي علامة على استعداده للقبول بتسوية دبلوماسية تبدأ من إبعاده عن السلطة، فإن البيت الأبيض يبدي مقاومة شديدة لهذا الرأي حتى الآن.

ومن المتوقع خلال الأسبوع المقبل أن يعرض كل من وزير الدفاع تشك هاجل ورئيس الأركان الجنرال مارتن ديمبسي الخطط المعدلة التي تم إعداها للتدخل العسكري في سورية إذا صدرت الأوامر بذلك من البيت الأبيض. غير أن البيت الأبيض لا يزال مترددا فضلا عن أن المعسكر الداعي للتريث ومواصلة سياسة التحفظ تجاه الأزمة لا يزال قويا وإن كان بدرجة أقل مما كان عليه قبل أشهر قليلة.