تتسلل الريبة والشك إلى وجدان أحد الزوجين أو كلاهما، نتيجة سوء ظن، أو تفكير سلبي في تصرف شريك الحياة، مما يدنس قدسية الحياة الزوجية، ويهدد عرش الحب بها، فيلجأ أحد الزوجين للتجسس على الآخر كوسيلة للبحث والاستقصاء، ليرتكب جريمة بحق الحياة الزوجية بقصد أو بدون قصد، إيمانا منه بأنه يحمي مملكتهما، في حين أنه يهدم أهم أسس قوتها وهي الثقة، والحب، والخصوصية.

ويمثل الجوال وجهاز الحاسب الشخصي أحد أهم مجالات التجسس بين الطرفين وربما يطال مقتنيات شخصية أخرى الأمر الذي تنشأ بعده خلافات بينية كثيرة.

المختصون في علم الاجتماع، والدين يؤكدون على قدسية الرابط الزوجي المرتكز على الحب والثقة الذي يحفظ لكلا الزوجين خصوصيته، ويحرم التجسس نهائيا، ويدعون إلى الحوار، واتباع أساليب تعزيز الثقة المتبادلة من خلال المصارحة والتغاضي والتجاهل لكثير من الأمور التي قد تنغص الحياة.

ويقول وكيل كلية المجتمع بجامعة الطائف الدكتور عايض الزهراني الشك داء يفتك بالثقة، فإذا تسلل إلى العلاقة فإنه يضر بالحياة الزوجية، وقد يؤدي إلى الطلاق، وربما يضحي أحد الزوجين للمحافظة على رابط الزوجية من أجل الأطفال فقط. ولا بد من بناء سياج قوي من الفهم والثقة المتبادلة، ومد خيوط دافئة من العلاقة البينية لتعزيز ذلك الفهم وتلك الثقة، مما يؤدي إلى نجاح الحياة. وكثيرا ما تحرص الزوجة على حماية الزوج من نزواته، فتظهر غيرة زائدة قد تكون لا إرادية وسريعا ما تتحول هذه الغيرة إلى حالة مرضية بفضل الشك، مما ينعكس سلبا على الحياة بينهما. وتبدأ المشاكل والخلافات بينهما، الأمر الذي يجب معه تحكيم العقل والنظر إلى الحياة بنرجسية وكبرياء تحفظ للحب وجوده القوي في حياة الزوجين.

ويرى أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الآداب جامعة الملك فيصل بالأحساء الدكتور أحمد الحليبي أن الثقة مطلوبة بين الزوجين، فكل منهما له أسراره، ولا ينبغي أن يتجسس على الآخر بأي شكل ولأي سبب، سواء على الجوال، أو جهاز الحاسب أو المكتب أو غير ذلك، فالحياة بين الزوجين بدون ثقة لا قيمة لها، والتجسس محرم شرعا بكل أوجهه وخاصة بين الزوجين، لما له من آثار سلبية في تقويض الحياة الزوجية، حيث يؤدي إلى فشل العلاقة.

والفشل ليس بالضرورة نهاية العلاقة بالطلاق، بل ربما تستمر الحياة الزوجية ولكنها علاقة فاشلة في الحب والثقة والتعايش.

فيما قال اختصاصي علم النفس الاجتماعي بالهيئة الملكية بالجبيل سعيد بن ذيبة الحياة الزوجية رابط مقدس، يجب أن توطده علاقة متكافئة من الحب والثقة المتبادلة، ويجب أن تتجلى أعلى درجات هذه الثقة في مثل هذا نظرا لتعدد مصادر التواصل الاجتماعي الإلكترونية وتوفرها في المجتمع الذي تسوده مستويات متباينة من الثقافة والتفكير، والأمر يتطلب كثيرا من الذكاء في التعامل مع معطيات ومخرجات تلك المصادر، التي قد تكون سبب شك لدى بعض الأزواج في صورة لا ترقى إلى حد الظاهرة ولله الحمد. ويعاني مجتمعنا من آثار الانفتاح الفضائي، والتواصل الاجتماعي المباشر عبر الإنترنت باعتباره من أهم أسباب حدوث مثل هذا الشك في السلوكيات، مما يستدعي تعزيز الثقة بين الزوجين من خلال الحوار والمصارحة، وتجاهل كافة الأمور المثيرة للريبة مهما كانت، كما يجب على الزوجين عدم التجسس على بعضهما لما لذلك من آثار سلبية في تقويض أسس الحياة الزوجية وانهيارها.