قرأت الكثير من الكتابات في الصحف، ومواقع الإنترنت، وكلها تشمت بحال فناننا الجميل، الكبير عبدالله السدحان.

المؤدب من تلك الكتابات، من قال إن مستوى السدحان التمثيلي انخفض، وأداؤه تراجع، طبعاً هذا المؤدب منها، رغم أن فيه نبرة مخفيّة ليس فيها تأدب، مع واحد، كان من اثنين، جعلوا للفن السعودي قيمة، وعرّفوا الناس بشيء اسمه "فن سعودي".

السدحان، خامة تمثيلية رائعة، رأيناها تتشكل عبر 18 عاماً في المسلسل الأشهر "طاش ما طاش"، ومن يقولون إن السدحان فنان الدور الواحد، مخطئون، فحتى وإن كانت شخصية "أبو مساعد"، فريدته ولؤلؤته التمثيلية الأعلى والأغلى، إلا أنه كان ممثلاً بارزاً ومبدعاً في أدوار كثيرة، غير "أبو مساعد".

شخصية التاجر السعودي، وشخصيته في "حمود ومحيميد"، وشخصيته في تجسيد العامل الوافد، وشخصيته العائلية العجيبة والصعبة "أبو هزار"، بكل ما تتمتع به من عاديّة غير عاديّة، وأبوّة دافئة، وملامح ترابيّة تشبه تربة كل أب في هذا المجتمع.

كل تلك الشخصيات التي أذكرها للسدحان، هي إضاءات واسعة في مسيرة الفن السعودي، و"كاركترات"، إن بدت سهلة، فهي في غاية الصعوبة، تمثيلياً.

افترق السدحان عن رفيق دربه وفنه ولألئه، ناصر القصبي، فخبا نجمه بالتأكيد، لكن هذا ليس نقصاً في السدحان، وأنه فنان لا يُمثل بدون القصبي، بل لأن السدحان، فقد كيمياء الإبداع الثنائي، التي شكّلها مع القصبي، ولم يجدها في سواه.

السدحان=1/2، تلك المعادلة المؤلمة التي يعيشها السدحان الآن، لكنها لا تعني أنه غير قادر على التمثيل بدون نصفه الآخر القصبي، بل هو واحد، من أهم الممثلين في تاريخ فننا الخليجي.

أيها النقاد: كلماتكم المؤدبة عن السدحان، غير مؤدبة.