يأتي العام الدراسي الجديد بعد إجازة الصيف، وبعد ما أخذ طلابنا وطالباتنا قدرا من الراحة والاستجمام، بعيدا عن الضغوط الدراسية التي يعانون منها في أيام الدراسة، وبهذه المناسبة هناك عدد من الرسائل أوجهها لجميع أطراف العملية التعليمية من أولياء أمور، وطلاب، ومعلمين، وإداريين، ومن المعروف أن البداية القوية في أي مجال مطلوبة، ومن بدايته قوية، فسيستمر بإذن الله بهذه القوة إلى نقطة النهاية، أو إلى تحقيق الأهداف، ولكن عندما تكون البداية متواضعة، فقد يكون هناك الكثير من الصعوبات، ومن ثم لن يتم تحقيق الأهداف بالمستوى المطلوب، ومن هنا فهذه الرسائل تهدف إلى تحقيق البداية القوية للعام الدراسي الجديد، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال تضافر جهود جميع العاملين في الميدان التربوي، والطلاب، وأولياء أمورهم.
المجموعة الأولى من الرسائل أوجهها للمتعلم الذي سخرت له الدولة جميع الإمكانات البشرية، والمادية كي يتعلم، ويستفيد، ويكون عضوا نافعا في المجتمع، وهنا وبعد قضاء الإجازة يتوقع منك أخي الطالب أن تعود لمقاعد الدراسة بتطلعات طموحة، وبحماس عال المستوى، وبهدف طموح رئيس أمامك تسعى إلى تحقيقه من خلال أهداف بعيدة المدى، وأخرى قريبة، وتكون هناك خطط لتحقيق هدفك الأساس الذي قدمت إلى المدرسة من أجله، وآمل ألا تكون أهدافك محددة بالحصول على الشهادة التي هي في الواقع بطاقة دخول للمرحلة القادمة في حياتك، وإنما الهدف يكون أسمى من الحصول على الشهادة، بل هو التعلم الحقيقي الذي يؤهلك للمنافسة، ويجعلك قادرا على إثبات وجودك بين الآخرين، ويتوقع منك أخي الطالب أن تستفيد مما تم توفيره لك من تجهيزات، وإمكانات في المدرسة، وفي المقابل أن تحافظ عليها مثل ما تحافظ على ممتلكاتك الخاصة، وأكثر.
وهناك رسائل أوجهها لأولياء الأمور في بداية العام الدراسي الجديد ومن أهمها: تقديم الدعم المعنوي للأبناء من خلال حضورهم خاصة مع الملتحقين بالمرحلة الابتدائية لأول مرة؛ لمساعدتهم على كسر حاجز الخوف، وجعلهم يحسون بأن المدرسة هي بيتهم الثاني، وولي الأمر مسؤول عن متابعة حضور أبنائه، وتقدمهم الدراسي وبشكل مستمر، وتوفير المتطلبات المعقولة، والمقبولة التي يطلبها الابن، أو البنت، فالمتابعة المستمرة تجعل الطالب يحس باهتمام الأب، ونتيجة لذلك يهتم الابن بتعليمه، وتعلمه، ويتوقع من أولياء الأمور أن يقضوا وقتا مع أبنائهم، ويسألونهم عما تعلموه، وعن الواجبات المقررة عليهم بين الحين والآخر، والإشراف عليهم في أثناء حل هذه الواجبات، وتوجيههم؛ لأن هذا يعد حافزا، وداعما للطالب، وهذه النقطة يغفل عنها كثيرا من أولياء الأمور.
أما الرسائل التي أوجهها إلى المعلم في بداية العام الدراسي الجديد، فهي تتمثل في عدد من النقاط التي نتوقع أن يهتم بها، بل يلتزم بها المعلم، إذ ينظر الطلاب إلى معلميهم نظرة مختلفة عما يتوقعه الكثير من الأفراد، فالمعلم قدوة لطلابه في كثير من الجوانب، لذا يجب أن يكون المعلم قدوة حسنة في أقواله، وأفعاله، ومظهره، وجميع سلوكياته داخل المدرسة، وخارجها، ومن الضروري بناء الثقة بين المعلم وطلابه، وفي حالة تحقيق هذا الجانب ستكون عملية التعليم، والتعلم مثمرة إن شاء الله تعالى، كما يتوقع من المعلم أن يساعد طلابه على التعلم بأنفسهم بدلا من تلقينهم، وتنمية هذا المبدأ لديهم، وتعزيزه؛ لأن متعلم اليوم يختلف عن متعلم الأمس في كثير من الجوانب نتيجة للكثير من العوامل التي من أهمها التطور التقني، ووسائل الاتصال، والتواصل الحديثة، كما أن المعلم يتعامل مع أفكار، وعقول الطلاب، وهذا يتطلب منه أن يوجهها التوجيه السليم بعيدا عن التشويش الفكري، وتغذية هذه الأجيال بأفكار غير مقبولة، وخارجة عن الإطار الفكري المقبول، والمرغوب، وألا يخرج عن إطار الأهداف المحددة للمرحلة التي يقوم بالتدريس فيها، ولا يخرج عن أهداف المنهج الموكل إليه تدريسه، وفي بداية العام الدراسي يتوقع من المعلم أن يتعرف على طلابه عن قرب، ويشخص أوضاعهم الأكاديمية، والاقتصادية، والاجتماعية، ويراعي الفروق الفردية بينهم في أثناء تعليمهم وتعلمهم، ويحافظ على أوقاتهم، ومن الضروري أن يراعي المعلم طلابه خاصة فيما يتعلق بالمتطلبات من قرطاسيه، وأقلام، وألوان، وغير ذلك من المتطلبات، وألا يطالبهم إلا بالأشياء الضرورية فقط؛ لأن كثيرا من المعلمين والمعلمات يطلبون الطلاب بطلبات غير ضرورية وتستنزف أموال أولياء الأمور.
والرسالة التي أوجهها إلى إدارة المدرسة، فتركز على تهيئة البيئة التعليمية التي تعمل على جذب المتعلم؛ لأن الكثير من الطلاب يرون أن البيئة المدرسية طاردة، وغير جاذبة لهم، لذا يتوقع من مديري المدارس أن يعملوا مع زملائهم المعلمين بشكل مكثف لجعل البيئة المدرسية، وفعالياتها التعليمية المختلفة تجذب المتعلمين، فالمدرسة تعد بمثابة البيت الثاني للطالب، ويجب أن يكون هذا البيت مناسبا لكل من المعلم، والمتعلم، وإدارة المدرسة يتوقع منها أن تتابع جميع ما يحدث في المدرسة، وتعمل على حل المشكلات عند ظهورها بشكل يتناسب معها، وفق الله أبناءنا، وبناتنا في عامهم الجديد، وأعان الله العاملين في المجال التربوي على أداء رسالتهم على الوجه الذي يرضيه سبحانه وتعالى.