القول اللين والجميل له أثر على النفس البشرية.. ولقوة تأثيره في بعض المواقف قد يبدل الله الإنسان من حال إلى حال.. بل حتى الدعوة إلى الله وهي من أعظم المقاصد، ينبغي فيها استخدام ألفاظ، وعبارات حسنة محببة للنفس البشرية..
مشكلتنا أننا بخلاء في استخدام العبارات الجميلة تجاه بعضنا البعض.. هناك من يحجم عن الإفصاح عن مشاعره تجاه الآخرين بحجة الإحراج أو عدم وجود مناسبة تدفع أو تحفز لذلك.. وهناك من يتحاشى ذلك هربا من التهم المعلبة كرميه بالنفاق أو التزلف.. قد يعجبك أداء مسؤول أو سيرة شاعر أو حياة مثقف أو سياسي أو أديب أو حتى إنسان بسيط.. لكنك تجنح للسكوت، وتنتظر حتى يموت هذا الرجل، حتى تتحدث عنه بأريحية تامة، وتنقل للناس ما لا يعرفونه من مناقبه وصفاته وتميزه وإبداعه.. أدرك بطبيعة الحال قيمة التوجيه النبوي الكريم "اذكروا محاسن موتاكم".. لكن ـ وقلت هذا قبل سنوات - لماذا يحرم الإنسان من قراءة بعض مشاعر محبيه قبل رحيله عنهم؟!
كثيرون كانوا يعيشون بيننا، وكانت حدود معرفتنا بهم قليلة، وحينما توفاهم الله إنثالت الشهادات والروايات والقصص من كل مكان تتحدث عن سيرهم العطرة، وحياتهم الحافلة بالعطاء.. ولا أعلم ما الفائدة من كل ما يكتب بعد رحيل الإنسان - "وما أنت بمسمع من في القبور" - لماذا نحتفظ بكل هذا الكم من الوفاء والمحبة في الأدراج المغلقة.. ثم اسألوا أنفسكم ماذا لو قرأ الإنسان كل ذلك في عيون محبيه وهو حي بينهم؟!
مناسبة ما سبق هو ما نشرته بعض الصحف والمواقع السعودية والكويتية خلال هذا الأسبوع عن الشاعر والأديب الراحل "سليمان الفليح" - رحمه الله - كنت أسأل: ماذا لو قرأ "أبو سامي" ما كتب عنه بعد مماته، أثناء حياته؟!
نعم، "اذكروا محاسن موتاكم"، لكن.. قولوا لهم شيئا قبل أن تفاجؤوا برحيلهم يوما ما.