أشعل سعوديون سماء مدينة شيكاغو بالحماسة والتصفيق الحار، خلال حديث الطلبة عن تجاربهم في مؤتمر "متجاوز" للأفكار والتجارب، الذي نظمه المبتعثون في أميركا، ورعته الملحقية الثقافية السعودية.

وفاجأ الملحق الثقافي السعودي في أميركا الدكتور محمد بن عبدالله العيسى، الحضور بزيّ غير رسمي "كاجوال"، إذ بدأ حديثه عن حياته، وتطرق إلى أسرته، وعلاقته بحفيده، ثم تجربته عقب أن تخرج وعين معيدا في جامعة أم القرى، لينتقل بعد ذلك للإقامة في الولايات المتحدة مبتعثا، ثم حصوله على درجتي الماجستير والدكتوراه من ولايتي إنديانا، وأريزونا.

وجال العيسى بالحضور في ذكرياته، عارضا أهم المحطات التي غيرت حياته، متوقفا عند تجربته كملحق ثقافي، وتحدث عن العلاقة التي تربطه بالطلاب كمسؤول وإنسان في الوقت ذاته.

وقال: "من أجمل ما لمسته هو حرص قيادة الوطن على المبتعث، وربما زملاؤكم رؤساء الأندية، الذين التقوا الملك عبدالله لمسوا بأنفسهم مدى اهتمامه وحرصه على الطلاب، كذلك حرص الغالبية العظمى من الدارسين على الجد، والإنجاز، والعودة إلى الوطن بالشهادات العليا"، مؤكدا أن ما يلقاه الطالب السعودي لا يمكن أن يقارن بغيره.

المذيع والكاتب صالح الثبيتي، الذي ينهي الفصل الأخير في دراسة الماجستير في الاتصال الاستراتيجي تحدث عن تجربته في كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز، وانتقاله لإكمال الدراسة في تخصص "أحياء الحيوان"، وسط ولعه بالإعلام الذي كان يدرسه عبر دورات خارج أسوار الجامعة.

وروى قصته مع قنوات ART، ثم انتقاله لقناة "العربية" مراسلا، حتى اختياره مذيعا لنشرة الأخبار كأول سعودي يقرأ النشرة، مؤكدا أن الواسطة الحقيقية هي السمعة المهنية للصحفي، مشددا على أن التميز ليس في إيجاد الوظيفة، بل السعي إلى التفرد، والتطور الوظيفي.

الفنان، ورسام الكاريكاتير، والمعماري حسام الزهراني، الذي يدرس الماجستير في التصميم الداخلي في أكاديمية الفنون بسان فرانسيسكو، تحدث عن ابتكاره مدرسة خاصة به ساهمت في وضع بصمة وخط جديدين في الكاريكاتير في الصحافة السعودية، مشيرا إلى أن تجربة الابتعاث ساهمت في ضخ أفكار جديدة في تجربته الفنية.

فيما شرح الكاتب فيصل باشراحيل، أبرز الخطوات التي يجب أن يتبعها المؤلف لوضع كتاب: ابتداء بالفكرة، ثم طريقة العرض، مرورا بالتجربة الشخصية.

وعلى طريقة الموهوبين الشباب دخل مؤلف كتابَي: "عظماء بلا مدارس"، و"حكايا سعودي في أوروبا"، عبدالله الجمعة، الذي يدرس الماجستير في القانون بجامعة هارفارد، وخلص إلى أن التجربة الشبابية في التأليف يفضل أن تتم "بنثر الإبداع ثم إعادة ترتيبه" وفقا لتعبيره.

وبصراحة وشجاعة تحدث مؤسس موقع "سعوديون في أميركا شاكر علي، وقال "وجدت نفسي في الحياة دون أسرة، أو كما يقول التعبير الدارج "مقطوعا من شجرة"، مشيرا إلى أن شغفه بخدمة المبتعثين الجدد دفعه لإطلاق الموقع الذي تحول إلى أشبه بالأسرة بالنسبة له، وهو ما دفع الحضور إلى الوقوف احتراما له، والتصفيق خمسة دقائق متواصلة. بينما خرج كثيرون من القاعة متأثرين، ولم يخفي بعضهم دموعه، وأجهش بالبكاء عندما تحدث عن واقعه وتعامل المجتمع معه.

المبتعث عبدالعزيز الحمدان، تحدث عن تخوف أهله من إرساله لشراء طبق بيض والعودة به للمنزل نظرا لإعاقته، وأن ذلك ولّد تحديا كبيرا أمامه، فما كان منه إلا أن وضع البيض في سلة وعاد به، فتفاجأت أسرته من تصرفه، فكانت نقطة التحول في حياته بأن يكون مختلفا.

الحمدان تحدث عن النجاحات التي نفذها، وكان أبرزها وثيقة الحب والولاء للملك عبدالله، ثم برنامجه "مختلفيشن" على "يوتيوب"، مؤكدا سعيه إلى نقل قوانين التعامل مع المعاقين إلى المملكة عقب تخرجه.

رئيس مبادرة "متجاوز" بندر بن محمد المقري، خرج بالحضور إلى عوالم أخرى عندما تحدث عن تجربة أمه مع وفاة والده، وتماسكها، ثم تعبيرها بعد ذلك عن الحزن بطريقتها الخاصة وهي البكاء، مما غير حياته وحياة أسرته، فيما قدم المخرج السينمائي حمزة جمجوم، شرحا لتفاصيل صناعة الصورة الذهنية.

رئيسة موقع "سعوديون في أميركا" طالبة الدكتوراه غادة الغنيم، تحدثت عن التطوع في الولايات المتحدة، والترابط الذي يميز الطلبة السعوديين، لافتة إلى أن أهم ما يجب أن يحرص عليه المبتعثون هو خدمة بعضهم البعض، مستشهدة بالموقع الذي ترأسه، فرغم تباعد فريق العمل على امتداد الولايات، إلا أنهم يجتمعون على هدف واحد وهو خدمة الطلبة.

وتفاعل الحضور مع مقطع من مسلسل الكرتون الشهير الكابتن ماجد، الذي اختاره الإعلامي ماجد بن جعفر الغامدي، ليكون مدخلا لحديثه، ليؤكد خلاله أن اليابان أنتجت هذا المسلسل لتفعيل ثقافة محبة كرة القدم، لتكون هدفا مستقبليا للحصول على كأس العالم، مبينا أنهم حصلوا بعد أقل من 15 عاما على كأس آسيا.

الشيف غسان الحيدر، أتى من كندا ليتذوق الحضور حلاوة تجربته قبل أطباقه، ولخص رسالته قائلا: "يجب أن يعيش الشاب حياته، لا حياة غيره، وعليه أن يتقدم، ولا ينظر للمشكلات، فقد تكون المصيبة رحمة في لباس عذاب"، وأضاف

"ساعدوا الناس في تحقيق أحلامهم كي تكون جزءا منها، ما تروه بسيطا سيصبح شيئا كبيرا في المستقبل".

من جانبه بين المدير التنفيذي لمؤتمر "متجاوز" أدهم قاري، أن ردود الفعل العفوية التي بدرت من الحضور هو المقياس الحقيقي لمعرفة مدى نجاح المؤتمر، إذ تحققت الفائدة الحقيقية بضخ الكثير من التجارب الناجحة في عقول وقلوب الطلبة المبتعثين.