اعتمد المزارعون قديماً على دلالات وعلامات يهتدون بها إلى بدء غرس النخيل والأشجار االأخرى، وبدء زراعة المحاصيل، وذلك من خلال علم الفلك الزراعي، وهو علم اختص به المزارعون والفلاحون، حيث يعرف المزارع متى يحين وقت غرس النخيل والأشجار واللقاح وبذر البذور، وهو ليس علماً متلقى على أيدي العلماء، بل يُعد متوارثاً يكتسب بالخبرة والممارسة والمجالسة.
ومن هذه العلامات بدء ظهور العقارب والحيايا في المزارع والمنازل والبراري حيث تبدأ بالظهور عند دخول طالع سعد الخبايا، وهي فترة تبدأ في منتصف مارس تقريباً وتستمر لمدة 13 يوما وتنتهي في آواخر مارس، وبذلك ينتهي فصل الشتاء، ويبدأ فصل الربيع، وهي علامة فارقة لبدء غرس الأشجار. وقيل قديماً "إنه في سعد الخبايا بتطلع العقارب والحيايا - الأفاعي - وبتتفتل الصبايا، وذلك علامة على بدء ظهور الدفء والشعور به".
المهندس الزراعي محمد شلبي قال لـ "الوطن" إن بدء ظهور "فحل" النخيل أو آباره يعني بدء ظهور فصل الصيف، وعادة يبدأ أواخر مارس وبداية أبريل وحتى مايو حسب الصنف والعمر والأحوال الجوية، مشيراً إلى أن المقصود بـ "فحل النخيل" هي الأمشاج المذكرة وفيها 6 أسديه عندما تنضج مخرجة حبوب اللقاح، ولها رائحة جميلة وجذابة جداً للنحل. وأضاف أن حبوب اللقاح تؤخذ من ذكر النخيل، ويجب أن تكون ذات حيوية ورائحة شديدة يمكن معرفتها من كثرة عقد الثمار عند التلقيح، وعدد كبير من الأكمام الزهرية بأحجام كبيرة.
أما المزارع عبدالله التميمي من أهل الجوف فأوضح أن الكثير من عوام أهالي القرى والبادية يعرفون دخول الفصول والنجوم طوال السنة، لكن الدقائق قد لا يعرفها إلا خاصة الناس الذين لهم باع طويل وقدم راسخة في هذا العلم، مؤكداً أنه لا يمكن أن يبذر بذر في غير وقته، لأنه لن ينبت بإذن الله، فهذه سنن الله عزَّ وجل الكونية التي خلقها وأودعها في هذه الأرض.
إلى ذلك، أوضح المتخصص في الجغرافيا المناخية، المشرف على موقع وجوال "كون" الدكتور عبدالله المسند، أن بدء تلقيح النخيل وغرس الفسائل والأشجار، وخروج حشرات الأرض وهوامها من جحورها يكون بمعرفة الطوالع، مبيناً أن الدفء علامة فارقة في خروج الهوام المختبئة، حيث تخرج الثعابين والزواحف وكائنات البيات الشتوي مع بداية ارتفاع درجات الحرارة واعتدال الأجواء، ومناسبتها لغرس النخيل والأشجار.