غاب عنا قبل يومين الزميل والصديق والأخ والصحفي المميز عدنان جابر، وغابت تلك الطلة الباسمة والروح المرحة، وفقدت (صاحبة الجلالة) صحفيا مهنيا محترفا، طالما كان يتحفها أينما حل وأينما عمل بركضه الصحفي اللافت.
عرفت المرحوم بإذن الله تعالى في هذه الصحيفة وكان بالنسبة لي واحدا من أعمدة المحررين الميدانيين، الذين طالما كانت أخبارهم المتفردة عناوين رئيسية في هذه الصحيفة.
عدنان جابر واحد من قلة من الصحفيين الذين يبذلون جهدا كبيرا على المادة الصحفية التي ينتجونها، من حيث حرصهم على أن تكون موادهم غنية بالمعلومات الجديدة والدقيقة فضلا عن أن تتسم بالموضوعية والمصداقية، ويظل عدنان جابر واحدا أيضا من قلة ممن استطاعوا أن يصنعوا علاقات قوية وكثيرة مع أشخاص وجهات مهمة من صناع القرار ومصادر الأخبار لأي مطبوعة صحفية، ولم يكن لينال احترام تلك الجهات والأشخاص باختلاف مناصبهم ومسمياتهم إلا لمهنيته الراقية واحترامه لعمله، والتزامه بأخلاقيات المهنة التي انعكست مباشرة على نوعية علاقة الآخرين معه.
ومما أذكره أنه في كل مرة يدخل علي عدنان جابر، في مكتبي بالرياض أو يتصل بي عبر مكتبي في أبها يتملكني إحساس قبل محادثته بأن يوم غد سيكون لدينا (مانشيت) مهم في الصفحة الأولى، فهو صحفي غير تقليدي ولا يقبل أن يمارس عملا تقليديا أو أن يغطي مناسبات تقليدية ما لم تكن له هناك فرصة للحصول على أخبار ومعلومات جديدة تهم أكبر قطاع من القراء خاصة في الجانب الاقتصادي، حيث تخصصه الذي أبدع فيه ولم يكن إبداعه وتميزه في جانب الكتابة والتغطية والمتابعة فقط، بل كان في جانب الفهم والاستيعاب والقدرة على التحليل ومعرفة ما يدور في هذا القطاع والتخصص المهم، ومن هنا جاء تميز عدنان جابر عبر نوعية الأسئلة التي يطرحها في المؤتمرات الصحفية، وفي نوعية الأخبار التي يجلبها، وفي نوعية الحوارات التي يجريها.
آخر مرة رأيته فيها عندما زارني في مكتبي بالرياض وخرجت معه لنزور معرض الكتاب قبل الأخير، وكان مغرما بالقراءة ولهذا كان صحفيا و(مثقفا) وفي ظني تلك سمة باتت غائبة عن عدد ليس بقليل من الصحفيين الذين امتهنوا المهنة، وربما حتى اللحظة لم يكملوا قراءة كتاب واحد طوال سنوات عمرهم التي مضت.
كان عدنان - يرحمه الله - مغرما بالروايات والقصص والشعر ويقرأ بشكل شبه يومي حتى يوم أن استحوذت وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة والمتنوعة على جل أوقات الناس بما فيهم الصحفيين.
عدنان جابر كان أنموذجا للصحفي الملتزم بمواعيد العمل ومواعيد تسليم المواد ومواعيد الزيارات الميدانية، وكان واحدا من المبادرين بتقديم الأفكار والرؤى بمثل ما كان دائما الحرص على لقاء الأصدقاء والزملاء وجمعهم على جلسات أخوية تتخللها أحاديث ودية وثقافية.
رحم الله أبا طلال وأحسن الله عزاء كافة الزملاء من أبناء المهنة وألهم الله أهله وذويه الصبر والسلوان.