كانت أم عبد حتى الأمس القريب ممرضة في المستشفى العسكري باللاذقية، وعندما حصدت عمليات القصف التي شنها الجيش النظامي، شقيقها ووالدتها، تخلت عن وظيفتها وانصرفت إلى معالجة المصابين في المنطقة الخاضعة لسيطرة الثوار. وقالت هذه المرأة التي تبلغ السابعة والعشرين من عمرها "كيف أستطيع الاستمرار في معالجة الجنود الذين قتلوا والدتي وشقيقي؟"
وفي مستشفى ميداني في منطقة جبل الأكراد المتمردة في شمال اللاذقية، باتت تعالج المقاتلين وعددا كبيرا من المدنيين المصابين أو الذين تسمموا جراء مواد غذائية فاسدة أو مياه ملوثة. ويقع المستشفى في قرية سلمى التي كانت مصيفا رائعا بات هدفا لعمليات القصف الكثيف واليومي للجيش النظامي.
ولدى مغادرتها المستشفى الذي كانت تعمل فيه، تركت أم عبد السنية أصدقاء، منهم سيدة علوية كانت "مقربة جدا" منها. وقالت "عندما تركت عملي، سألتني لماذا أغادر المستشفى. أخبرتها بما حصل لشقيقي ووالدتي". وأضافت "أصبت بدهشة شديدة عندما بعثت لي برسالة وصفتني فيها بأني إرهابية"، وهو التعبير الذي يستخدمه النظام لوصف المقاتلين. وأوضحت أم عبد "أحب كثيرا أن نعود كما كنا".
وأم عبد هي واحدة من أربع نساء يتناوبن ليل نهار لمعالجة المرضى والجرحى في هذا المستشفى الذي أقيم في مبنى سكني بفضل مساعدات إنسانية وطبية. وتأخذ زميلتها منال على عاتقها الاهتمام بالصيدلية منذ 10 أشهر. وتقول هذه السيدة الشابة (26 عاما)، "عندما وصلت، لم نكن سوى ثلاثة أو أربعة يعملون في المستشفى. وعندما نظرت حولي، أدركت أني الفتاة الوحيدة من كل جبل الأكراد".