ليس من المفاجئ أن الموضوع الرئيسي الذي تم التركيز عليه هو إيران. وكانت المخاطر التي تتعرض لها المنطقة من تداعيات الحرب الأهلية في سورية والحاجة إلى إعادة إحياء عملية السلام مع الفلسطينيين في أعلى جدول الأعمال خلال الساعات الخمس من المباحثات بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. لكن الموضوع الإيراني، بحسب تقرير نشرته مجلة "ذا إيكونوميست" مؤخرا، كان متداخلا حتى مع هذين الموضوعين بشكل أو بآخر.

بدون الأموال (10 مليارات دولار حتى الآن) والأسلحة والخبرات التي تضخها إيران في سورية في محاولة لتقوية حليفتها الاستراتيجية لربما كان النظام السوري قد سقط الآن. إيران تمول أيضا "حزب الله اللبناني" وتسيطر عليه، وهو يمتلك حوالي 60 ألف صاروخ موجه إلى إسرائيل. وبحسب مصادر استخباراتية إسرائيلية، يعمل حزب الله حاليا على تشكيل ميليشيا موالية للنظام السوري يبلغ عددها حوالي 100 ألف مقاتل للقتال إلى جانب قوات النظام السوري.

ما يقلق القادة العسكريين الإسرائيليين بشكل متزايد هو أن بشار الأسد، مقابل المساعدة الإيرانية، يحاول توصيل أسلحة روسية متطورة لحزب الله ليستخدمها ضد إسرائيل في حال نشوب حرب أخرى في لبنان. تشمل هذه الأسلحة صواريخ (SA-17) المضادة للطائرات وصورايخ (Yakhont) المضادة للسفن يصل مداها إلى 300 كيلو متر. وكانت الطائرات الإسرائيلية قد دمرت قافلة تنقل صواريخ (SA-17) إلى لبنان في أواخر يناير الماضي. وقال المسؤولون الإسرائيليون إنهم سوف يقومون بتكرار ذلك إذا تطلب الأمر. لكن الواقع أن إسرائيل تسعى إلى الحصول على مساعدة أميركية في هذا المجال. قال أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين، قبيل زيارة أوباما الأخيرة لإسرائيل "ربما يكون من الأفضل أن لا تقوم إسرائيل بذلك وحدها.. لأن هذه الصواريخ لا تشكل تهديدا لإسرائيل فقط.

أما بالنسبة لعملية السلام مع الفلسطينيين، فيتطلب الأمر أن يثبت أوباما أنه ضامن يمكن الوثوق به لأمن إسرائيل – هذا على الأقل ما يقوله الإسرائيليون -. عندما حث الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون الإسرائيليين على التفاوض مع الفلسطينيين، استجاب الإسرائيليون لأنهم كانوا واثقين أنه سيكون دائما مستعدا لمساعدتهم. اللغة المصاغة بعناية للكلمة التي ألقاها أوباما أمام طلاب الجامعة في إسرائيل يوم 21 مارس تبين أنه يفهم هذا. مجرد زيارته حسنت الانطباع الإسرائيلي حول أوباما، خاصة وأنها ترافقت مع إحساس الإسرائيليين بالامتنان على التمويل الأميركي للقبة الحديدية التي أدت دورا جيدا في حمايتهم خلال الحرب مع حركة حماس العام الماضي.

ومع أنه لا تزال هناك خلافات بين نتنياهو وأوباما حول طريقة التعامل مع خطر البرنامج النووي الإيراني، إلا أن هذه الخلافات صارت أضيق من قبل. ففي مؤتمر صحفي مشترك قال نتنياهو إنه "مقتنع تماما" أن أوباما مصمم على منع إيران الحصول على سلاح نووي. ومن جانبه، أشار أوباما إلى أنه يفهم إحساس إسرائيل بضرورة العمل العاجل حتى لو اضطر الأمر إلى القيام بعمل عسكري، وربما يكون ذلك تحذير من أوباما لإيران بأنه لن يمنع إسرائيل من القيام بذلك. يردد نتنياهو دائما أنه يجب منع إيران من الحصول على القدرة على بناء قنبلة نووية. ولكن أوباما كان يتكلم فقط عن منع إيران من الحصول على السلاح نفسه، وليس على القدرة على صنعه، أي أنه مستعد للسماح لإيران بجمع القطع طالما أنها لا تلجأ في الواقع إلى صنع القنبلة.

يرى نتنياهو أن إحباط الطموحات النووية الإيرانية هي المهمة الأولى والأهم لحكومته. وكان كثيرا ما يبدو محبطا بسبب إصرار أميركا على إعطاء العقوبات والدبلوماسية مزيدا من الوقت، لكي تؤدي الدور المرجو منها. أحد مصادر التوتر الأخرى هو قلق إسرائيل من أن عليها أن تقوم بضرب المنشآت النووية الإيرانية وحدها قبل أن تصل إيران إلى "منطقة الحصانة"، حيث لا يعود القيام بعمل عسكري ضد منشآتها النووية مفيدا. لقد ألقى نتنياهو خطابا قويا في الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي أعلن فيه أنه لن يسمح لإيران بالحصول على ما يكفي من اليورانيوم المخصب لدرجة 20% - حوالي 240 كيلو جراما - للانتقال بسرعة إلى صنع قنبلة نووية واحدة. وقد توقع أن يكون هذا في أوائل هذا الصيف.

لقد تغيرت عدة أمور منذ ذلك الوقت لتجعل المواقف الأميركية والإسرائيلية أقرب إلى بعضها البعض. كانت إيران حريصة على البقاء تحت حاجز الـ240 كيلو جراما من خلال تحويل 40% من مخزونها من اليورانيوم متوسط التخصيب إلى أوكسدي من أجل استخدامه في مفاعل الأبحاث في طهران. ومع ذلك فإنها قامت بإنتاج جيل جديد من أجهزة الطرد المركزي التي تستطيع القيام بالتخصيب بسرعة تزيد على 4 أو 5 أضعاف أجهزة الطرد المركزي القديمة. وبالتالي فإن إسرائيل تشعر أنها قادرة على الانتظار وقتا أطول.

وفي الوقت نفسه، أصبحت أميركا تشعر بقلق أكبر من أن إيران، ربما تتمكن من الوصول إلى مرحلة صنع القنبلة في الفترة التي تفصل بين جولات التفتيش التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية. أي أن تقييم الطرفين الإسرائيلي والأميركي بالنسبة لتقدم الملف النووي الإيراني أصبح متقاربا، وأصبح الحليفان يمشيان بسرعات متناسقة مع بعضهما البعض. هذا شيء مهم بالنسبة لنتنياهو، لكن أوباما يريد شيئا في المقابل بالتأكيد – فوق كل شيء محاولة التفاوض على أساس حل الدولتين مع الجانب الفلسطيني.