بين يدي ساعة كتابة هذا المقال تقرير يحكي مسيرة مؤتمر الأدباء السعوديين منذ بدء انعقاده التاريخي في غرة ربيع الأول لعام 1394، أي قبل أربعين عاما في مكة المكرمة، برعاية من جامعة الملك عبدالعزيز، ولأربعة أيام خرج فيها المؤتمرون آنذاك بعدد من التوصيات كان من أبرزها، إنشاء مجمع علمي سعودي لخدمة اللغة والأدب والثقافة والتراث، ثم تأليف دائرة معارف إسلامية، فإنشاء مؤسسة تتولى نشر الكتاب السعودي، وبعدها انقطع عقد المؤتمر خمسا وعشرين سنة، ليعود مرة أخرى في الذكرى المئوية لتأسيس المملكة 1419، في دورته الثانية في مكة المكرمة أيضا، وبعدها بعشر سنوات تقريبا انعقد الثالث في الرياض، لتحتضن طيبة الطيبة المؤتمر الرابع بعد سنوات أربع، في ذكرى أربعين عاما على انعقاده الأول.

ولأننا نحفل دائما بالتوصيات، إلا أنه ومن خلال تتبع ما نفذ منها نجد أن جل تلكم التوصيات قد نفذت بشكل أو بآخر، وليس شرطا أن كان التنفيذ يحتذي ما جاءت به صياغة التوصية لغويا إلا أن المضمون قد حصل، عدا التوصية المتعلقة بإنشاء المجمع اللغوي، والتي تكررت كذلك في المؤتمر الدولي الأول للغة العربية المنعقد في الجامعة الإسلامية قبل أكثر من عام.

يأتي المؤتمر الرابع ليناقش مرة أخرى الأدب السعودي وتفاعلاته، وأقول مرة أخرى لأن المؤتمر الثالث قد ناقش الأدب السعودي: قضايا وتيارات، وكلا العنوانين تضمنا عددا من المحاور المتنوعة شملت علاقة الأدب بالتقنية، أو تواصله مع الآخر، ومدى تماهيه مع الفنون المختلفة، وهذا في رأيي جيد وفاعل، غير أني أرى أن التركيز على أن تعقد ورش عمل تتناول القضايا التنظيمية، كلائحة الأندية الأدبية على سبيل المثال، فهي حديث المشهد اليوم بعد أن ذاقت الأندية الأمرين من مشكلات الانتخابات، أضف إلى ذلك إشكالية الفجوة بين الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون، وجدوى ضمهما في مركز ثقافي واحد كما طالبنا مرارا، إن مؤتمرات الأدباء لفرصة سانحة لوزارة الثقافة من أجل تحصيل الآراء، وجمع المقترحات والأفكار، والخروج بقرارات نابعة من الأدباء أنفسهم، وممن يعنيهم الشأن الأدبي والثقافي المحلي، كل التوفيق للمؤتمرين في عاصمة الثقافة الإسلامية، على أمل الخروج بما يرفد الثقافة والفكر والشباب المبدع، الذي ينظر بشغف إلى حصيلة ما حوته أوراق العمل، والتي بالمصادفة كانت أربعين ورقة.