لفترة مضت، ليست قصيرة؛ استهلكت من أعمارنا وطاقتنا مساحة استحقاق تنموي، قطعنا خلالها مراحل جيدة، لولاها ما تمكنت السعودية ودول الخليج وسط سياسات الإفقار العالمية والمحلية بتعمد وبدونه، أن تقف مع أحد. الموقف السعودي تجاه العملاقة مصر أحد دروس التاريخ الذي يؤسفني أننا رغم أهمية هذا التاريخ نطمسه، بعدم وضعه بصورة مستدامة في الذاكرة الوطنية والذاكرة العربية.

أنزعج أحيانا من استغراق بعض المحللين والخبراء المصريين بالتاريخ المصري في العناوين العريضة، مع طمس العلاقات العربية البينية، وطمس التاريخ العربي من خلال التحدث عن جانب واحد ودور واحد طوال الوقت.

السعودية لا تستحق ما قدمه عنها الإعلام المصري لأعوام مضت، اشتدت بعد 25 يناير، يأتي القرار السعودي من الملك عبدالله ليمسح الكثير ويجعلنا نتسامى على من جرحنا يوما وتجنب قول كلمة حق.. التجاهل أحيانا موقف موجه، وهذا ما كان يحدث في الكثير من القضايا.

أثبتت السعودية في الأزمة التي تمر بها مصر حاليا، من خلال الموقف الدبلوماسي السعودي ممثلا في وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، إلى جانب دول الخليج والدول العربية التي استجابت للموقف السعودي؛ أننا مدركون لمتطلبات المرحلة ونسعى للاحتواء.

نريد وحدة من أي نوع، حتى لو كانت على مستويات معينة، وبتصور ومنظور جديد للوحدة حتى ولو بين بعض الدول أو على مستوى بعض المحاور والقطاعات.. كأن تكون وحدة دبلوماسية موحدة أو اقتصادية تؤسس لتنمية مستدامة في المنطقة، ويدير هذا الملف عمالقة التنمية المستدامة في العالم العربي ونرشح في الجانب الخليجي من هم أعلام في هذا المجال، ولدينا تجارب تنموية خليجية تُدرس.

من التجارب تجربة الأمير سلمان بن عبدالعزيز على مستوى مدينة الرياض العملاقة، وتجربة الأمير خالد الفيصل وتأثيرها الخارق في المنطقة الغربية، خاصة مكة المكرمة، فمخرجاتها لا ينكرها إلا جاحد، والنموذج الثالث حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد.. وبالتأكيد أن بالإمكان مزج جميع هذه التجارب واستلهامها على حسب تضاريس واحتياجات كل منطقة.

مصر والسعودية ودول الخليج العربي والدول العربية الراغبة في الدعم والتكتل والمساندة لديها حاضر ومستقبل، عليها أن تقدم قيم التنمية من خلاله، والأسئلة والإشكالات لا تطرح تجاه مراحل الأزمة الحالية، لأنها ستعبر بفضل هذه المحبة والنزعة العروبية التي أعادت بعثها أحوال العالم العربي المزرية، نريد الآن الانطلاق في وضع ما يحمي ويحصن هذه المنطقة المنكوبة في بعض أوطانها، بواسطة سلاح "التنمية المستدامة".