ما إن يتخذ صاحبنا العزيز موقعه في صدر المجلس، حتى يبدأ سيمفونية التحليلات السياسية للأوضاع الراهنة في المنطقة، وأنه سبق أن قال كذا وكذا، بل وتنبأ ببعض ما يحدث الآن، لكنه لا يكتفي بذلك، بل يبدأ إطلاق التهم ضد الجميع، ويصدر الأحكام القاسية تجاههم، هكذا دون تثبت من مصدر معلومة، أو فهمٍ أوسع لخلفيات القضية.

من الطبيعي أن يحلل الإنسان أي مشهد من وجهة نظره، التي غالبا ما تكون نتاجا تراكميا للبيئة التي نشأ فيها، ونوع التعليم الذي تعرض له، لكن من غير الطبيعي أن يسرف في الحديث عن الإصلاح والحلول وإدارة الأزمات وغيرها، وهو لم يقم بإنجاز ما يجب عليه أولا بالشكل المطلوب، ولم يستطع إدارة منزله الصغير بالشكل المثالي، حتى يتوقع من الآخرين إدارة الأزمات بأسلوب صحيح، فمثلا كثيرون لم يقوموا بتربية أبنائهم بالشكل المناسب، لكنك تراهم ليل نهار منشغلون بتقييم سياسة وأوضاع التعليم، ويلقون باللوم عليها في كل شيء، مع أن التربية والتعليم في المنزل تأتي أولا، أما غيرهم ممن لا حديث لهم سوى "حفريات" الطرق وسوء التنفيذ، تجد منزله الشخصي يئن تحت وطأة مصابيح كهربائية لا تعمل أبدا، أو دورة مياة معطلة منذ أشهر، دون إغفال إسناد أعمال الصيانة للأرخص سعرا والأقل جودة من العمالة السائبة.

نعم نحن مطالبون بأن نكون عينا على واقعنا، فنحن من يعيش فيه، ولكن لا بد أن نبدأ بأنفسنا ومنازلنا أولا قبل كل شيء، فالله – سبحانه وتعالى- يقول: (إِن الله لاَ يغيِرُ ما بِقَوم حتى يغيِروا ما بِأنفسهِم) الرعد 11.. والله المستعان.