منذ لحظة توليه رئاسة نادي الدرعية، لم يحتج خالد الطخيم سوى ثلاث أعوام لمعرفة أسرار الحلم الذي عاشه أبناء محافظة الدرعية طوال 37 عاما، والمتمثل في تأهل الفريق الكروي إلى مصاف أندية دوري ركاء للمحترفين، وسط اهتمام مباشر من محافظ محافظة الدرعية، الأمير أحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن آل سعود، بدعم مسيرة النادي الذي تأسس عام 1369، والسعي لتسهيل كل ما يتعلق بتطوير النادي والعمل على إحداث نقلة نوعية في منشآته ولاعبيه وأجهزته الفنية والإدارية وفي لعبتي الكرة الطائرة وتنس الطاولة، إضافة إلى احتضانه بطل العالم لذوي الاحتياجات الخاصة ثامر الحبشان.


إصرار على النجاح

لم يخف الطخيم نشوته البالغة بتحقيق إنجاز التأهل إلى دوري ركاء، مبيناً "مصدر هذه السعادة لا يتوقف على التأهل وحسب بل على إصرارنا على نجاحنا وكسب تحدي انتشال الفريق من عقدة المركز الثالث والمكوث في الدرجة الثانية ودوري المناطق لفترات طويلة، والحمد لله أن التعلم من الأخطاء وتنمية الفكر والبناء، توج بتأهلنا".

وكشف الرئيس الذهبي للنادي أن "حلم التأهل صاحبه كثير من لحظات اليأس والإحباط تمثل في تفكيره بتقديم استقالته من منصبه العام الماضي بسبب اعتماد الفريق على رئيس النادي فقط في الجوانب المادية، غير أن رهان مدرب الفريق، المصري بهاء الدين القصيبي، وأمين الصندوق محمد الطلحة، على الصعود بالفريق بعيداً عن السماسرة واللاعبين المتهالكين، كان شرط عدول الإدارة عن استقالتها وهو ما تحقق"، مبيناً أن فريقه تمكن من تسجيل عدد من لاعبي الحواري إضافة إلى لاعبين معروفين من أندية كبيرة.

وأبدى الطخيم حزنه الشديد للجفاء الذي يجده الفريق من قبل جماهيره بالمحافظة، خاصة في لقاء الكوكب الأخير، وقال" لم يتجاوز عددهم الـ20 مشجعاً رغم الجوائز التشجيعية على تذاكر المباراة"، مؤكداً سعيه لتجهيز 7 ملايين ريال كميزانية للفريق في دوري ركاء تساعد في تحقيق الطموح الكبير ببلوغ دوري المحترفين الموسم بعد المقبل، مشيراً إلى أنه تحدث مع الرئيس التنفيذي لدوري ركاء، أحمد العقيل، وطالبه بأهمية السماح للفرق بالتعاقد مع اللاعب الأجنبي، مخالفاً بذلك رغبة عدد من رؤساء الأندية ممن طالبوا بتأجيل الفكرة.


الدرعية بالأرض والجمهور

تسارع إدارة الطخيم الوقت من أجل استيفاء شروط إقامة مباريات دوري ركاء للمحترفين على ملعب النادي الموسم المقبل وسط محافظة الدرعية، ما يضمن وجود حضور جماهيري يساند الفريق بعد الصعوبات التي واجهها في المواسم الماضية جراء التنقل ما بين ملعب الصائغ والملعب الرديف بإستاد الأمير فيصل بن فهد في الرياض، ما حرم اللاعبين من المساندة الجماهيرية المتوقعة من قبل رياضيي المحافظة.





المنشأة الحلم الأكبر

وينتظر رياضيو نادي الدرعية تحقيق المزيد من الطموحات والآمال بعد أن تحقق أحدها بالصعود لدوري ركاء للمحترفين، وتبقى المنشأة اللائقة بشباب محافظة الدرعية الهاجس الأكبر رغم الجهد الكبير من رئيس النادي خالد الطخيم في تطوير أبرز المواقع في المنشأة الحالية التي كانت تفتقد في السنوات الماضية لأبسط المقومات التي تساعد رياضيي النادي على تأدية دورهم وسط بيئة مريحة ولائقة.


حلم أهالي المحافظة

أبدى أبرز رياضيي محافظة الدرعية المدرب السابق للفريق الكروي بالنادي بيشان البيشان سعادته البالغة بالتأهل، وقال"هذا الحلم كان يراود مسؤولي النادي منذ تأسيسه في الثمانينات الهجرية وبعد أن حُل الفريق وأعيد مرة أخرى، كان طموح كافة الرؤساء التأهل للأولى غير أن التوفيق لم يحالفهم طوال تلك السنوات". وتابع" لم تسنح من قبل فرصة تحقيق الصعود حتى أتى رئيس النادي الحالي خالد الطخيم منذ ثلاث سنوات وعمل على تحقيقه ونجح في مبتغاه"، مشدداً أن "ندرة المواهب لم تكن تشكل معضلة للفريق، فمحافظة الدرعية مليئة بالمواهب منذ القدم، وقدمت أسماء كروية ورياضية على مستوى عال ولعبت لأندية كبيرة في الممتاز، أمثال صالح الداوود (الشباب) وياسر الموسى وفاضل البريدي (النصر) وعلي السلطان (الهلال)، كما قدمت المحافظة مدربين بارزين كمدرب حراس المنتخبات السعودية السنية تركي السلطان ومدرب كرة اليد خالد البريدي وغيرهما".

ويعد البيشان الأب الروحي لرياضيي الدرعية، وانتقل من لاعب إلى مدرب للفريق، وحقق معه إنجازا كبيرا تمثل في إقصاء الفريق للوحدة في بطولة كأس الملك قبل أن يلتقي بعدها بالاتحاد ويخسر أمامه، كما يعد مرجعا ومستشار في الشؤون التي تخص فريق الدرعية.


توليفة جديدة

من جانبه، أشار مدرب الفريق، المصري بهاء الدين قبيصي، إلى أنهم ومنذ انطلاق مسابقة دوري الثانية، بحثوا عن التمسك بالصدارة وعدم منح الفرق الأخرى اقتناص أي نقطة منهم تعطل مسيرة الفريق، مبيناً أنه سعى إلى عمل توليفة جديدة باستقطاب لاعبين جدد يمتلكون الموهبة والخبرة من الأندية الأخرى وأيضاً من الحواري. وقال" كانت تلك الأسماء قادرة على التعاون فيما بينها لتقديم مستوى توجوه بالتأهل والحصول على درع الدوري". وكشف أن نظام دوري الدرجة الثانية الحالي "لا يساعد على تقديم مستويات فنية ولا يخلق أي نوع من المنافسة، كون نظام المجموعات يكشف تفاوت مستويات الفرق منذ أول ثلاث جولات، سواء للمتأهل أو للهابط وهو ما لاحظناه في تلك الفترة"، كما أكد أن التوقف الطويل الذي شهدته المسابقة بعد الجولة السادسة تسبب في إرباك الفرق بشكل عام وفريقه بشكل خاص؛ عندما خرج بتعادلين أشبه بخسارة أمام العدالة والجبلين.


تجديد ثقة واستعداد

وثمن المدرب المصري، ثقة إدارة النادي به وبالجهاز الفني المكون من مواطنيه، مساعد المدرب محمد منصور، ومدرب اللياقة حسن حمدان، ومدرب الحراس محمد أبو الوفاء، بجانب طبيب الفريق أحمد صقر، أملا في التجديد لهم موسما آخر، مؤكداً ان الاستعدادات لدوري ركاء ستبدأ مبكرا بالبحث عن لاعبين قادرين على الإضافة الفنية للفريق، موضحاً أنهم يبحثون تحديداً عن أسماء تملك خبرة في منافسات دوري الأولى لتحقيق طموح الفريق المتمثل في الظفر بمركز يؤهل إلى بلوغ دوري الأضواء. وشكر بهاء الدين الأجهزة الادارية والفنية كافة، وعلى رأسها رئيس النادي على مجهوداتهم الكبيرة التي ساهمت في نقل الفريق إلى مصاف دوري ركاء.


روح الفريق الواحد

بدوره شدد لاعب الفريق ناصر حلوي، على أن هذا الإنجاز "لم يأت من فراغ بل من خلال عمل جبار لإدارة النادي والأجهزة الفنية وكذلك اللاعبين الذين أظهروا قدرتهم على المنافسة منذ مباراتهم الأولى"، مضيفاً "عشنا لحظات جميلة من خلال التعاون والمحبة والتقارب ما بين الجميع، ودخلنا المنافسات والمباريات بروح الفريق الواحد وتمكنا من تحقيق مبتغانا، ليس لأننا الأفضل فحسب، بل والأجدر أيضا"، مشدداً أن كل المباريات كانت بمثابة "نقطة تحول، خاصة مواجهتي العيون والتهامي، حيث كان الضغط النفسي أكبر خلالهما، كما كان الفريق تحت تأثير وضغوط تحقيق التأهل في المباريات الأخيرة وهو ما تم بعزيمة الرجال".


وفاء للابن البار

وفي وسط الأفراح بصعود الدرعية التاريخي لدوري ركاء لم ينس المشرفون وجماهير النادي، ما بذله ابن النادي، عصام الخميس الذي لم يمهله المرض كثيراً لمعايشة هذا الإنجاز بعد أن فارق الحياة منتصف فبراير 2011، وهو يتقلد منصب مدير عام النشاط الطلابي في وزارة التربية والتعليم ورئيس لجنة بطولات الصالات المغلقة للاتحاد السعودي لكرة القدم سابقاً.