العام الدراسي على الأبواب، ولسوف نشاهد كالعادة تخبطات في القرارات والنفي، وتأخرا في الاستعدادات، وارتفاعا في الرسوم، وغيرها من المشاكل التي تواجهنا كل عام، لدرجة أننا حفظناها كدرس المحفوظات. وهنا لا أعمم، ولكن دائما ما يظهرعلى الساحة، وبكل وضوح، التقصير. ولكن ماذا لو كان لدينا نظام يحاسب المدارس المقصرة؟ بمعنى أن تسحب منها رخصة الإدارة وربما تغلق.. هل يمكن أن يحدث هذا؟ نعم.. لو أننا اتبعنا نظاما جديدا، ليس عالميا، ولكنه عندنا سيكون جديدا، نظاما يحاسب المدارس التي تنتمي إليه بشدة وحزم، ووفق معايير دولية وليست محلية فقط.
إنه نظام المدارس المستأجرة، كلا ليس مبان مستأجرة، بل المدرسة ككل؛ بنية تحتية وإدارة ومناهج تقدمية Progressive، يقوم على بنائها وتطويرها المهتمون بالارتقاء بالتعليم في بلدنا، وبدلا من التذمر والشكوى، تتم المشاركة مع رجال أعمال أو شركات محلية أو عالمية تدعمهم، على أساس أهمية واحتياجات سوق العمل، إضافة إلى إعداد وتأهيل الهيئة الإدارية والأكاديمية.
أين يأتي دور الوزارة هنا؟ دورها أن تكون الطرف الأول في إبرام العقد، بحيث يسمح للمدرسة العمل بمرونة واستقلالية مقابل التقيد بالمخرجات التي يتطلبها التعليم العالي وسوق العمل، فهي تعتبر مدارس حكومية وعلى أساسه تتلقى الدعم المادي الكامل من الوزارة على شكل مبلغ يتم تسليمه للهيئة الإدارية للمدرسة مع بداية كل عام، من أجل الإدارة والتشغيل، ولكن يترك لها كامل الحرية في اختيار الهيئة الإدارية والأكاديمية، إضافة إلى البرنامج التعليمي الذي سيتم الموافقة عليه مبدئيا، على الأقل في الأعوام الخمسة الأولى كي يثبت قدرته على إنتاج متطلبات السوق من الموارد البشرية.. وهنا أيضا لا ننسى أننا نلغي عذر أصحاب المدارس من تكاليف رواتب المعلمين والمعلمات بحسب الجداول الجديدة، كما نلغي شكاوى الهيئة الأكاديمية من تدني نسب الرواتب، ومن هنا ينتظر من الجميع الإبداع والتفرغ للعملية التعليمية وإلا سحب الدعم وخسر الجميع!
وقد تكون مدارس خاصة أثبتت قدرتها، تقوم الدولة على تقديم عرض إيجار مغر، بحيث لا يخسر أصحاب المدارس ولكن يتم إدخال جميع شرائح المجتمع لتلك النوعية من المدارس دون أي ضغوط مالية على الأهالي، وربما هنالك مدارس لا تستطيع مجاراة التكاليف المتزايدة وتعثرث، فتمنح عقد إيجار، وطبعا بشرط عدم طلب أي رسوم من الطلبة، وهنا نكون قد ساعدنا رجال الأعمال ممن دخلوا هذا المجال بدلا من فتح مشاريع أخرى ليس فيها بناء وتطوير للمجتمع كتأسيس وتشغيل المدارس.
إذاً ما هو الفرق بين المدارس الحكومية التقليدية والمدارس المستأجرة على النظام الجديد؟ الاستقلالية والمرونة في تنفيذ برامج مبتكرة أو فريدة من نوعها، إضافة إلى الاستقلالية في التشغيل، وتعدد الاختيارات المقدمة للأهالي للاختيار وتسجيل أبنائهم حيث يرغبون من برامج عادة لا تتوفر في المدارس العامة التقليدية، كل ذلك مقابل مستوى عال من الشفافية والمساءلة. المدارس المستأجرة تستخدم هذه المرونة لتنفيذ برامج مبتكرة أو فريدة من نوعها، من أجل توفير الخيارات التعليمية لأولياء الأمور والطلاب، والتي لا تتوافر عادة في المدارس العامة التقليدية.
المدارس الخاصة لها الحق في وضع معايير القبول من اختبارات ونسب وما شابه من متطلبات، ولكن المدارس المستأجرة، بما أنها أيضا تعتبر حكومية، لا يحق لها أن تضع أي عقبة في وجه أي طالب، من يتقدم أولا يحصل على الكرسي، وفي المدارس التي يكون عليها ضغط تسجيل يتم الاختيار عبر القرعة، تجرى في يوم محدد، يحضر جميع أولياء الأمور للتأكد من صحة الإجراءات، أي أن كل شيء يتم علنا وتنشر أسماء المقبولين، وأيضا بما أنها مدارس حكومية، يجب أن تقوم بتنفيذ آليات الدمج وتقديم أفضل الخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة.
في مجال التنظيم والإدارة لهذه المدارس، يتم انتخاب مجلس إدارة محلي لكل منطقة، ممثلة لجميع الشرائح المتخصصة التي تمكنها من اتخاذ القرارات المستنيرة بشأن جميع جوانب تشغيل المدرسة؛ مثل التعليم، والتمويل، والتسويق، والإدارة، وهذا المجلس يكون هو المسؤول عن ضمان الأداء الأكاديمي بحسب المعايير والشروط التي تم الاتفاق عليها عند إتمام العقد، من يحق له التصويت هنا، جميع من ينتمي لهذه المدارس من أولياء أمور، وأصحاب المدارس، والإدارة، والموظفين، والهيئة الأكاديمية، وطلبة الصفوف العليا.
إنها مجرد آليات وأفكار لم أخترعها، بل هي مجربة وفي عدة دول غير الولايات المتحدة مثل بريطانيا، كندا، تشيلي، نيوزيلندا، السويد، بمعنى أن ملايين الطلبة والكثير من المستثمرين يستفيدون من هذه المدارس. ما أطلبه هو دراسة هذه النوعية من المدارس وإعطاء فرصة لكل مهتم أن يتقدم.. ربما أقول نستطيع أن نحل بعض إشكالات القضايا التعليمية في بلادنا.