لم نكن يوما أحوج إلى الهدوء والسكينة في إعلامنا العربي كما نحن اليوم. لم نكن بحاجة إلى العقلانية وإعمال الفكر ووزن كل كلمة بميزان الذهب قبل أن نكتبها أو نقولها في الإعلام القديم أو الجديد كما نحن بحاجتها في هذا العصر العربي المسيّج بالفتن من الجهات الأربع، شرقا إيران وما تثيره من زوابع، وغربا مصر حماها الله من كيد الكائدين، وشمالا سورية والعراق، وجنوبا اليمن.
الدروس كريمة أمامنا وخلفنا وعن أيماننا وشمائلنا، وهي دروس قاسية للأسف، دفعت الشعوب ثمنها غاليا، ولا أغلى من الدماء. إعلامنا العربي اليوم بالإضافة إلى أنه أصبح مشاركا في الأحداث الميدانية، أصبح يسهم في صياغة جيل مشتت، خائف، اختلطت عليه المفاهيم، وتنوعت فيه الرسائل المتناقضة، وشبابنا أصبح منقسما على نفسه كانقسام تلك الرسائل، وهناك المتربصون الصائدون في الماء العكر الذين لا أحب إلى قلوبهم من زعزعة كل يقين في قلوب هؤلاء الشباب. لينتهي الأمر إلى زعزعة المجتمع وأمنه واستقراره، ولكن المعول بعد الله على وعي هذا الشباب وإدراكه، وقدرته على نقد ما يطرح عليه من أفكار وأخبار ورؤى، وتمحيصها ومقارنة واقعه بواقع الآخرين.
مشكلة الإعلام العربي اليوم هي أنه يريد أن يقلد إعلام الغرب في مجتمعات لا تشبه مجتمعات الغرب في شيء، وهو – كإعلام - ليس قادرا على أن يضع حدودا دقيقة بين المصلحة العامة والخاصة كالإعلام الغربي الذي تراه يصطف في خندق واحد كفرقة موسيقية دون نشاز حين يستشعر خطرا على أمنه وأسلوب حياته، ومستقبل أجياله، كما كان أيام الحرب الباردة، أو بعد أحداث سبتمبر.. فالهدوووء.. أثابكم الله.