بات بيع الذهب رائجا في حلب، بعدما اضطر الناس لبيعه بكثرة لتوفير مصاريف معيشتهم في المدينة، التي كانت تعد العاصمة الاقتصادية لسورية قبل بدء النزاع. وتدخل أم محمد بخفر إلى متجر لبيع المجوهرات، وتسأل الصائغ "لدي قلادة من الذهب، بكم تبتاعها؟". بعد وضعها على الميزان، يجيب "24 ألف ليرة سورية (240 دولارا)".

فمحال الصاغة لا تفرغ من زبائنها في هذه المدينة التي بات الآلاف من سكانها عاطلين عن العمل.

وتأتي أم محمد (50 عاما) وهي أم لسبعة أولاد، للمتجر يوميا للسؤال عن سعر الذهب الذي يرتفع في شكل دائم. وتقول "كل ما تبقى لدي قلادة من الذهب. لن أتأخر في بيعها لأنني مضطرة لشراء الطعام والملابس لأولادي". خسر زوجها الذي كان يعمل في أحد المصانع وظيفته منذ بدء انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة يوميا عن المدينة. ومنذ ذلك الحين، باتت العائلة بلا مصدر إعالة.

وخلف المنضدة التي وضع عليها ميزانا وبعض القلادات، يقول الصائغ أبو أحمد "يوميا يأتي أشخاص لبيع جرامات قليلة من الذهب. لكن في أحد الأيام، أتى شخص حاملا معه 200 جرام على شكل حلق للأذنين وخواتم. كان يبيع مجوهرات زوجته".

وفي حين يعمد البعض لبيع حلي زوجاتهم لتوفير متطلبات عائلاتهم، يفضل آخرون شراء الذهب وبيع الليرة السورية التي فقدت نحو 120% من قيمتها منذ بدء النزاع في منتصف مارس 2011.

وقبل اندلاع الاحتجاجات المطالبة برحيل النظام، كان جرام الذهب يباع بثلاثة آلاف ومائتي ليرة سورية، أي ما يعادل في حينه 49 دولارا (65 ليرة للدولار). أما اليوم، فوصل سعر الجرام إلى 4900 ليرة، بينما تراجعت قيمة العملة الوطنية إلى نحو 113 ليرة للدولار الواحد.

على بعد أمتار من متجر أبو أحمد، افتتح أبو سالم (40 عاما) محلا لبيع المجوهرات استثمر فيه كل ما يملك، بعدما أرغمه بدء المعارك في حلب وتكرار انقطاع التيار الكهربائي، على إقفال متجره لبيع السندويتشات. ويقول "هرب العديد من تجار المجوهرات بعد بدء المعارك. كانوا يملكون ما يكفي من المال لترك البلاد، وأعدت استثمار أحد متاجرهم. أقوم حاليا ببيع الذهب وشرائه لتوفير الغذاء لأولادي الخمسة".