منذ صدور قرار مجلس الوزراء ـ قبل عدة سنوات ـ بالموافقة على تحويل الإذاعة والتلفزيون إلى هيئة عامة، ومنذ تفعيل القرار، وجعل الهيئة جهازا مستقلا من الناحيتين: المالية والإدارية، ونحن ننتظر ظهور أثر التغيير الإداري على المنتج النهائي وهو "الشاشة"، أو "شاشات" القنوات الرسمية، وعلى الهياكل البرامجية لإذاعاتنا، لكن شيئا من ذلك لم يحدث، وكل ما حدث هو تصريحات متناثرة للمسؤولين حول تغييرات إدارية ومالية وحقوق تهم العاملين في قطاعي: الإذاعة والتلفزيون أكثر من أن تهم المشاهدين.
الفضاء يتسع ويتسع، والقنوات الفضائية تزداد وتزداد، مما يجعل التميز أكثر صعوبة، وهذا يجعل كل منصف يدرك حجم العمل وصعوبته، ويستطيع تخيل العقبات التي تقف في طريق التطوير الذي يحقق آمال المشاهدين، ورغم ذلك فإن الأعذار والصعوبات يجب ألا تقف حائلا دون نقلة تطويرية تجعل قنواتنا الخيار الأول دون منازع، وتجعلها مصدر الخبر الموثوق، وملاذ الباحثين عن المعرفة والترفيه.
العقل الإداري القديم يجب أن يتغير ليتواكب مع العصر، والـ"ديناميكية" يجب أن تكون شعارا يحمله جميع العاملين، ويعملون انطلاقا منه، لتزول ـ تبعا لذلك ـ الرتابة، وهي التهمة الرئيسة التي تدور في أوساط المتابعين، والخروج عنها لا يكون بالتدريج ـ كما أرى ـ وإنما يكون بنقلة تطويرية مفاجئة، تستعيد الطاقات المهدرة، وتجذب الشباب القادرين، لا المغرمين بالظهور دون إمكانات حقيقية.
رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون، من الكفاءات الإعلامية المميزة، وبخاصة في مجال العمل التلفزيوني. فهو ابن التلفزيون منذ عرف العمل الحكومي، وهو صاحب الخبرة العريضة في المجال الذي يرأسه الآن، ولذا تكثر حوله الآمال، فمتى نرى تغييرا برامجيا جذريا يعيد عيوننا إلى قنواتنا، ويعيدها إلى عيوننا؟