ألمح الناطق الإعلامي بصحة نجران محسن بن علي الربيعان إلى أن منطقته غير مؤهلة لاستقبال الأطباء والاستشاريين في التخصصات الدقيقة. وقال في تصريح إلى "الوطن" أن الاستشاريين أصحاب التخصصات الدقيقة يرون بأن منطقة نجران منطقة نائية لا يتوفر فيها جميع الخدمات التي تناسب تطلعاتهم مثل المدارس الأجنبية وأماكن الترفيه، إضافة إلى بعد المنطقة عن الأماكن الحيوية وما يواجهه الاستشاريون من شكاوى بعض المواطنين وما يترتب عليه من تأجيل لسفرهم وإلحاق الضرر المادي والنفسي والاجتماعي الذي يلحق بالطبيب وأسرته.

ويأتي حديثه وسط بروز العديد من الأسباب المؤدية إلى عزوف الأطباء الاستشاريين عن العمل في المناطق الطرفية نتيجة عدم توافر أغلب الخدمات مما يتسبب في ضعف تقديم خدمة صحية عالية. وتعد منطقة نجران من المناطق التي تعاني هذه المشكلة التي أبرزها مختصون في محاور أهمها عدم توفر مدراس أجنبية، وكثرة الشكاوى من قبل المرضى وذويهم دون أسباب مقنعة.

إذ حاورت "الوطن" بعض المختصين في المجال الطبي لمناقشة أبرز الأسباب والعوائق التي تجعل العمل في المناطق الطرفية غير مرغوب فيه، إضافة إلى الحلول الممكنة لجعلها مناطق جاذبة للعمل. ويرى مدير مستشفى الملك خالد بنجران الدكتور عبده بن حسن الزبيدي، أن من أهم مسببات ذلك هو عدم وجود مدارس أجنبية خاصة بأبناء الأطباء من الجنسيات غير العربية مما يجعلهم يرغبون بالعمل في المدن الكبرى أو في دول أخرى مما يسهل عليهم اصطحاب أسرهم للإقامة معهم ويجنبهم التشتت بين القيام بعملهم والتفكير بمشاكلهم الأسرية الخاصة، إضافة إلى رغبة بعض الأطباء "استشاريين، أخصائيين، مقيمين" بعدم تجديد عقودهم بسبب استقطابهم من جهات أخرى داخل المملكة أو خارجها بمزايا أعلى، مشيرا إلى رغبة بعضهم بالعمل في المدن الكبرى، والسبب المرجح لذلك هو أن الأطباء يتقاضون نفس المرتب في المناطق النائية، لذلك فهم يفضلون العمل في المدن الكبرى عن العمل في المستشفيات الطرفية حيث إنه إذا كان الطبيب يتقاضى نفس المرتب في الرياض أو نجران فإنه يفضل أن يتقاضاه في الرياض على أن يتقاضاه في نجران على سبيل المثال.

وأضاف الزيبدي، أن تدني المرتبات بالنسبة للأطباء مقارنة مع حجم العمل المطلوب منهم خاصة في أقسام الطوارئ والعناية المركزة ووضع حد أعلى للراتب وعدم الأخذ في الاعتبار العبء المعنوي والعملي لهم انعكس على رغبة البعض بالنزوح إلى الوزارات الأخرى أو التعاقد في دول أخرى وخصوصاً ذوي الكفاءات منهم الذين يحملون تخصصات دقيقة، إلى جانب كثرة الشكاوى من قبل المرضى وذويهم بدون سبب أو تقصير واضح يؤثر سلباً على أداء الطاقم الطبي وأغلب هذه الشكاوى تكون غير صحيحة ومضيعة للجهد والوقت وتسبب ضغطا نفسيا كبيرا على الأطباء يشغلهم عن أداء عملهم الطبي المنوط بهم ومحاولة إيجاد أماكن أفضل توجد بها آلية واضحة لتقنين هذه الشكاوى فيما صح منها، كذلك عدم وجود وتوفر المتنزهات والأسواق الترفيهية الكبرى التي تساعد على الراحة النفسية للأطباء وذويهم وتلبية احتياجاتهم المعيشية.

وأكد الزبيدي، أن هناك عددا من الحلول منها إيجاد ميزة مالية لمن يرغب في التعاقد للمناطق الطرفية كبدل ثان لا يقل عن 30% من الراتب وضرورة وجود المدارس العالمية.

فيما أوضح رئيس قسم الباطنة بمستشفى الملك خالد الاستشاري عباس المكرمي، أن من أهم أسباب عزوف الأطباء وخاصة الاستشاريين عن القدوم إلى المناطق النائية أنها بعيدة عن مناطق الأبحاث والتعليم المستمر والمؤتمرات التي من شأنها الارتقاء بمستوى الطبيب إلى أعلى المستويات ليواكب آخر المستجدات له في المجال الطبي والأبحاث الأخرى التي لا يمكن توفرها بالمدن الصغيرة، إضافة إلى عدم توفر مدارس أجنبية وعالمية للأطفال على مستوى عال ترقى للطموحات في التعليم الجيد خاصة لمن لا يتكلم العربية، فأغلب الأطباء يأتون بأسرهم للاستقرار بنفس مقر أعمالهم، إلى جانب عدم توفر مطارات دولية بأغلب المدن وإن توفرت فتكون محلية. ولفت المكرمي، إلى ضرورة أن الجامعات داعم في المجال الصحي والتعليمي لجميع المستويات، وهو ما لم يتوفر بجامعة نجران فلم نجد استشارييها يستقبلون المرضى أو حتى عقد مؤتمرات طبية من شأنها إضفاء الكثير من العلوم الطبية للاستشاريين ودورهم في رفع وعي المجتمع والمريض بحقوقهم وواجباتهم والطرق الصحيحة في مطالباتهم لحقوقهم في حالة الأخطاء الطبية مع مراعاة حقوق الأطباء.