لن نتعلّم من أخطائنا أبداً، فها هي سوق الأسهم المحلية ما إن بدأت في الانتعاش والتحليق عالياً؛ إلا وهرع الخاسرون مرة أخرى إلى ميدان خسارتهم من جديد!
لست كاتباً اقتصادياً، ولكن نواميس الحياة تقول إن العودة إلى السوق نفسها، وبالأدوات نفسها، سوف تؤدي إلى النتيجة السابقة ذاتها، وهي ربح وهمي سريع، ما يلبث أن ينقلب إلى خسارة محققة، لا تأكل فقط الربح، بل تقضي على رأس المال كذلك!
أتذكر البعض وقد حلف أيماناً مغلظة أن لا يعود إلى السوق مهما كان الأمر، وها هو اليوم يدخل برأسماله كله من جديد، ويتجه حصراً إلى أسهم شركات "الخشاش"، وكأنما لم يتعلم درساً قاسياً مما مضى! وأسهم "الخشاش" لمن لا يعرفها يا سادة: هي أسهم الشركات الخاسرة أو التي لم تحقق ربحاً حتى الآن، وتتميز بقلة عدد أسهمها الحرّة، مما يسهّل عملية التحكم والتلاعب بالسهم، كما أن رأسمال بعضها لا يزال يتآكل، بينما سهمها يصعد إلى السماء يوماً، ويضرب القاع يوماً آخر!
من جهة أخرى، تعد سوق الأسهم فرصة ذهبية لاستثمار الأموال؛ ولكن في الشركات الناجحة والمستقرة، ذات الأصول الحقيقية، والتي توزع أرباحاً سنوية، ويقوم على إدارتها مجلس إدارة ناجح وكفء، وليس كما شركات "الخشاش" التي لا تزال تخسر، ولا تزال مجالس إداراتها على رأسها!
لست بصدد إعطاء مشورة فنية، ولكن وضع البيض في سلة واحدة أمرٌ خطير، ومحاولة "الفهلوة" التي يحاول البعض اقتنصاها بشراء أسهم "الخشاش"، ثم ذرف الدموع حين مشاهدة السهم وهو يتقهقر لن تنفع أحداً، سوى مضاربي السوق الذين يفرحون كل الفرح مع كل هجوم "قطيعٍ" على أسهمهم الخاسرة..