أحدثت المفاوضات المباشرة التي سعت إليها الولايات المتحدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فرزا جديدا على الساحة الفلسطينية، عمق الشرخ القائم بين السلطة في رام الله والسلطة في غزة، باعتبار أن الانقسام الذي كان بين طرفين أصبح حاليا بين عدة أطراف، حتى داخل السلطة التي يقودها الرئيس محمود عباس.
كان الالتفاف كبيرا حول رئيس المكتب السياسي لحماس في دمشق، ففضلا عن الحلفاء التقليديين كالجهاد والجبهة الشعبية - القيادة العامة، كانت حاضرة في الاجتماع الدمشقي 8 فصائل أخرى، بعضها مشارك في السلطة كالجبهة الشعبية والجبهة الديموقراطية.
لم يقتصر رفض المفاوضات المباشرة وغير المباشرة على هذه الفصائل،وإنما تعداه إلى داخل تنظيم فتح الذي عبر الكثير من أقطابه عن امتعاضهم من اندلاق السلطة باتجاه المفاوضات مع الاحتلال، وهم من ذاقوا الأمرين من تعنته واستغلاله، منذ توقيع اتفاقيات أوسلو وحتى اليوم، فرسالة الأسير مروان البرغوثي من معتقله الإسرائيلي، بما يمثل من رمز لانتفاضة الحجارة كانت يمكن أن تفرمل هذا الانجرار وراء سراب لن يتحقق.
قال مسؤولون أمريكيون سابقون كانوا على علاقة مباشرة بأزمة الشرق الأوسط وبالمفاوضات التي أعقبت اتفاقيات كمب ديفيد بين الإسرائيليين والرئيس المصري الراحل أنور السادات إن الانسحاب الإسرائيلي من سيناء استغرق خمس سنوات بعد توقيع الاتفاقية، وتوقعوا ألا يتم التوصل إلى اتفاق فلسطيني إسرائيلي إذا انطلقت المفاوضات اليوم، قبل عشر سنوات، دون الأخذ بعين الاعتبار المفاجآت المتوقعة ...وما أكثرها.