"حسبي الله ونعم الوكيل" لفظتها سيدة خمسينية مراجعة في الفرع النسائي بوزارة العمل. قلت لها ادع بالهداية للجميع ولتكن دعواتنا إيجابية حتى ينصلح الحال، لا يجوز الدعاء على موظفين وموظفات هم في المحصلة أبناؤنا وبناتنا ويطبقون خطوات مطلوبة منهم، وهم مجرد عناصر تنفيذية، قالت لي إن "هذه المرمطة ليس لها معنى والطلبات بالإمكان توحيدها وتقليلها والمرونة بدلا من تصعيب الأمور، وكأنه لا يوجد لدينا سوى وزارة العمل نراجع لاستيفاء طلباتها التي لا تنتهي".

رأيت تلك السيدة قبل شهر رمضان وسط كثافة إقبال تنتهي بخروج بعض السيدات مرددات للجملة التي أراها جزءا من مشكلتنا: حسبي الله ونعم الوكيل.. ورغم إيجابيتي وأهمية الدعاء لصلاح الحال، إلا أنني يصعب بعد استطلاعي وبصورة شخصية، مع التقصي والتحقق أن ألوم المراجعات، الأصل في الأنظمة والجهات الحكومية أنها لخدمة المجتمع وليست للتعقيد وتعطيل المصالح.. بعد العيد، قمت بالمراجعة فوجدت الحال على ما هو عليه والضيق وعدم الرضا باديا على المراجعات.

من وزارة العمل إلى مصلحة الزكاة والدخل، والتأمينات الاجتماعية، وبالصدفة كانت لدي معاملة في الأحوال المدنية، خرجت بخلاصة عدم استشعار ما يردد عن التعاملات الإلكترونية، التي أجابتني إحدى السيدات عندما سألتها هل سهلت التعاملات الإلكترونية معاملاتك قائلة "بالمشمش تتسهل..زادت الأمور تعقيدا "لم تنه كلماتها حتى سمعنا موظفة استقبال الأحوال المدنية تقول لعجوز متغضنة ومن خلف برقعها بدت تجاعيد الزمن، وعلامات الدهشة: احجزي موعدا من الموقع الإلكتروني على الإنترنت، أجابتها السيدة بلهجة بدوية محببة: "الإنترنت وشنهو"..!

لدينا من يعيد الناس ببساطة إلى منازلهم من أجل ورقة ناقصة، أو تفاصيل لا تستحق عناءها خاصة لكبيرات السن والأمهات الحاضنات للأطفال، ومن ليس لديهن وسائل نقل..ومعرفة بإدخال بيانات الحاسب الآلي. مفارقة أن يرد في ديباجة برنامج "يسّـر" أن حكومتنا تولي اهتماماً كبيراً بالتحول إلى التعاملات الإلكترونية لما تقدمه مفاهيم التعاملات الإلكترونية الحكومية من فوائد كبيرة للاقتصاد الوطني..وبرنامج يسّر موجود منذ عام 1426هـ 2005م- وأمامنا عام ونيف ليكمل العقد وهذا حال الناس وردود فعلهم.

أرجوكم لا تتحدثوا عن برامج تعاملات إلكترونية، قد تجيد النخبة استخدامها.. يجب التواضع لبسطاء الناس.. فقط اجعلوا المراجعة والمراجع على مستوى ميداني لا يخرج وهو يتحسب، خطوة التسهيل في حد ذاتها إنجاز حقيقي.