موعودون كلما أطلّ علينا ضيف السنة المبارك رمضان بجلال قدره وهيبته وروحانيته بما يعكّرعلينا صفو أيّامه وسكينة لياليه وهدوء أجوائه. موعودون بما شذ وخاب من مسلسلات لا ترقى لذوق المشاهد بل تفسد الذوق العام، ولو استثنيت فلن أستثني سوى مسلسل طاش ما طاش متى ما لبس الرداء الوطني لينافح عن المواطن الذي كلما أراد أن يرفع رأسه عاليا سقط إلى الحضيض بفعل الفاعلين وخبث الماكرين. موعودون يا رمضان ببرامج مسابقات تقدم جوائزها من جيوب المشاهدين "واتصل واربح" ورسائل واتصالات تدر الملايين على القناة, والجوائز فتات لحضرات السادة المشاهدين وحروف وألوف وكل عام واللي بجيبك "ملهوف". موعودون يا رمضان بتوقف البرنامج النرجسي "الغثيث" "صدى الملاعق" وعرابه الشهير"مصطفى بيه آغا"، لكن يا فرحة ما تمت، توقفت الغثاثة لتطل علينا السماجة والدلع والميوعة مع حليمة بنت بولند التي سخرت برنامجها لتمجيد الذات وإظهار المفاتن والاستعراض بفساتين الموضة الضيقة و"ما فيه أحد أحسن من أحد يا سي مصطفى" والقناة راضية مرضية طالما الملايين تهلّ كالمطر والرصيد يحقق أرقاما قياسية.

الخسارة يا عزيزي المشاهد مضاعفة، كل ما يعرض ـ إلا القليل ـ يعاني فراغا في المضمون. مسلسلات كُتبت وصيغت حواراتها على عجل ونُفذت مشاهدها وصُوّرت على أعجل من العجل لزوم التجارة واللحاق بشهر الصوم قبل أن تطير القنوات بفلوسها ليدفع المتسمّرون أمام القنوات الثمن الباهظ من أموالهم وأوقاتهم، ويربح تجار الفنّ لقاء دفعهم بمئات المسلسلات التي تزيغ من كثرتها الأبصار، وكأن السنة كلها مختزلة في رمضان، رغم أن لرمضان الكريم خصوصية دينية تميزه عن بقية شهور السنة.

أما البرامج الدينية فحدّث ولا حرج، فقد تسابقَ مشايخ الشهادات المضروبة و"الدال المزيفة" لأخذ نصيبهم بالركض وراء العروض "المسيلة للعاب".. وكما قال "غازي الشمري" ، وهو أحد الدعاة الشباب، "نحن أحق بالأموال وفنادق السبع نجوم وتذاكر الدرجة الأولى من غيرنا"، وكأنه بهذا القول غير المستقيم مع مبادئ الدين يحوّل مفهوم الدعوة من الاحتساب إلى التجارة والربح وعرض الأزياء، وهو سلوك دعوي لا يلقى الرواج ولا القبول لدى شريحة عريضة من الناس.

متى نكون موعودين يا رمضان بما لذّ وطاب لا ما شذ وخاب؟