قال الكاتب عيد بن عبدالله الناصر إن روايته "هسهسة التراب" تركز على المكان كذاكرة وكحياة وتاريخ، وإنه حاول رصد التحولات لمرحلة مهمة من تاريخ المدينة التي ولد وترعرع في أزقتها ومزارعها، مضيفا أنه من خلال متابعته لكثير مما ينشر، أن المنطقة الشرقية لم تأخذ حقها كمكان في السرد الروائي، لأسباب كثيرة، منها أن خلق المكان في الرواية من الأعمال الصعبة بعض الشيء، والأمر الآخر هو أن الحديث عن المكان محفوف بمخاطر، لأنه قابل للتأويل، لأن الكثير مما حدث بخصوص المكان هو بفعل متعمد لأشخاص أو جهات، كل لها هدفها الخاص بها فتعمدت تدمير البر والبحر والزرع والبناء، هناك معالم تاريخية يعود تاريخها إلى آلاف السنين تم تدميرها بدم بارد وبلا أي إحساس أو مسئولية. ولهذا فإن رصد العمل السردي لمثل هذه التحولات هو في خانة الثالوث المحرم، ولهذا السبب تبتعد الكثير من الأعمال السردية عن تناوله، وإن تم تناوله فإنه لا ينشر وإن نشر فسيكون خارج البلد ولن تسلط عليه أي قراءات نقدية ليموت مكانه.

وهنا يبرز تساؤل عن المنطة الشرقية، وهل تناولها الروائيون؟ يلتقط الناصر السؤال، ليجيب: كل عمل روائي لابد أن يكون فيه الزمان والمكان والإنسان، ولكن تناول هذه العناصر بشفافية ومصداقية يعطي للعمل جماليته المطلوبة، هي عملية محفوفة بالمحاذير، لأن الإبداع بحاجة إلى مساحة من الحرية وسقف أعلى مما هو موجود لدينا، في ذاكرتي مجموعة من الأعمال التي كان للمكان حيز فيها مثل "العدامة" لتركي الحمد، "يمرون بالظهران" لفالح الصغير، "الغيمة الرصاصية" لعلي الدميني، "لا تشتهي امرأة جارك" لمحمد المرزوق.

مشرف المنتدى الثقافي في المنطقة الشرقية محمد الهلال يرى أن تركي الحمد في ثلاثيته "العدامة والشميسي والكراديب" تطرق للدمام في فترة الستينيات كحراك اجتماعي ثقافي وسياسي، وكذلك فالح الصغير تطرق للمنطقة فترة الخمسينيات وعمل المواطنين في شركة الزيت ووصف الظهران، وكذلك حسن الشيخ في رواية "الفوارس" عن حي الفوارس بالأحساء بوصف دقيق لحياة المجتمع الأحسائي، ولكن ليس هنالك وصف دقيق للمنطقة.

في هسهسة التراب لعيد الناصر تناول المنطقة والرعيل الأول من موظفي أرامكو من أهالي المنطقة وكيف كانوا يذهبون إلى العمل وبعض من معاناة الموظفين.

وحضرت سيهات من ناحية وصف المزارع والبحر وكيف كانت البيوت على البحر، وبعد فترة ردم البحر وأصبحت بعيدة، وفعل مثله الروائي عبدالله حسين في "السواق" حيث تطرق لردم البحر وتغير خارطة المنطقة وللحياة الاجتماعية وأثر وجود الوافد الآسيوي في التركيبة الاجتماعية.