مصادر الأخبار لم تعد مصادر للأخبار..

"كثير" من وسائل الإعلام كانت تتفاخر بـ"المهنية" و"المصداقية"، وأصبحت اليوم "صوتاً" لطرفٍ في قضية، إما إيماناً بصواب رأي أو تصرف هذا الطرف، أو نكاية بوسيلة إعلامية منافسة لها تقف في صف طرف آخر.

منذ بدء ما يسمى بـ"الربيع العربي" سابقاً و"الخريف العربي" حالياً، والثناء والهجاء يتناوبان على أشهر القنوات الإخبارية العربية، فبينما كانت تمدح وتوصف قناة بأن لها دوراً في ثورة 25 يناير المصرية التي أجبرت حسني مبارك على التنحي، كان الهجاء من نصيب الأخرى.. والعكس تماماً خلال الثورة السورية كان المديح لقناة والهجاء لمنافستها.. كانت المعالم واضحة وكانت معايير "كل" المشاهدين واحدة.

اليوم انقسم الشارع وانقسمت وسائل الإعلام إلى طرفي نزاع على "ظهر" مصر.. وستكسر هذه النزاعات ظهرها بمبالغات كلا الطرفين من الشارع وكلا الطرفين من وسائل الإعلام التي أضحت "شارعاً" بلا ضوابط.

خلال أحداث فض الاعتصام في رابعة العدوية وميدان النهضة أمس، ضاع المشاهد بين القنوات الإخبارية، فبينما تبث إحداها خبراً عن مقتل 120 قتيلاً من مؤيدي مرسي، تبث الأخرى خبراً عن اعتقال 150 مسلحاً من الإخوان وضبط أسلحة في ميدان النهضة.. وبينما تقول مراسلة إحداها إن متظاهرين من الإخوان يستعدون للهجوم على رجال الأمن، تقول الأخرى إن قوات الأمن المصرية تواصل مهاجمة اعتصام رابعة.. وبينما تقول الأولى إن قوات الأمن باغتت المعتصمين، تقول الثانية: قوات الأمن تترك ممرات مفتوحة لخروج المدنيين.

..وحال القنوات المصرية أسوأ بكثير من القنوات الإخبارية العربية.. فهي تصب الزيت على النار بغباء إعلامي.. واستغلال سياسي.

المشاهد لم يعد غبياً.. احترموا عقولنا.

(بين قوسين)

كانت قنواتنا الإخبارية تسخر من "أحمد سعيد" وإذاعة "صوت العرب"..!

وكلها اليوم تتحدث بلسان "أحمد سعيد" على إذاعة "صوت العرب"..!