من حق مجموعة الخمسين (فرداً) سعودياً أن يكون لهم رأيهم (المستقل) فيما يحدث في مصر. الكتلة الحرجة في بيانهم تكمن في نقطتين: الأولى؛ في مصطلح (العلماء) لأنه ليس مجرد إسباغ شخصي، بل أيضاً ابتذال للقب، تقول البراهين والشهادات إنه لا ينطبق على كامل (أعلام الموقعين)، والثانية؛ هي في (التكتل) الذي يجعل من بيانات السعوديين فزعة أيديولوجية فيما لا شأن لهم به. على طاولتي الآن نسخة من (بيان العلماء السعوديين حول أحداث مصر)، وبجوار البيان أيضاً، إعلان سابق صادر عن حزب النور المصري السلفي، وكلنا يعرف أن الحزب الشهير كان ضلعاً رئيساً في الخروج إلى تظاهرة 30 يونيو المصرية، وأن أحد أبرز قياداته كان بجوار شيخ الأزهر ليلة إعلان البيان الأول في الثالث من يوليو فمن نصدق: لغة البيان السعودي، أم اللغة النقيض من حزب سلفي مصري، وكلا البيانين يدفعان النقاط ويدحضان الحجج بأدلة شرعية، وحين تقرأ البيانين جوار بعضهما البعض لابد أن يخرج السؤال الجبري مع من تقف الشريعة؟ ومع من أيضاً يثبت إسقاط الآيات والأحاديث والأدلة؟ هل ننحاز بهذه اللغة الشرعية الخالصة مع رؤية الداعية السلفي يونس مخيون، رئيس حزب النور، أم مع براهين الاسم الأول في بيان علماء السعودية.
الشيء اللافت في آخر بيانات الفزعة هو خلوه من كل الأسماء المؤثرة التي اعتادت شراكة البيانات. أيضاً إن مصطلح (العلماء) قد أسبغ على ما يقرب من عشرين فرداً جديداً لا علاقة لهم بالمصطلح ولم يعرف لهم في عوالمه شهادة أو إجازة أو تخصص. هي ثقافة الفزعة حين يكتب (فرد) ما بياناً ثم يتبرع الآخرون بأسمائهم دون الحد الأدنى المطلوب لقراءة تفاصيل ما وقعوا عليه. أنتهي بالقول: كيف يمكن لي وأنا أقرأ البيان حين يقول (إن الذين رفضوا نظام مرسي إنما يرفضون مواقفه من هذا الدين....)؟ فكيف لي أن أقرأ مواقف أبوالفتوح ومحمد سليم العوا وكمال الهلباوي ومخيون وياسر برهامي؟... وكل هؤلاء المختلفين... كل هذا ليس إلا تطويع الدين لأهداف السياسة.