تسبب نقص معروض الأسمنت في جدة خلال الأسبوع الماضي في نشوء "سوق سوداء" لبيع الكميات الكبيرة للراغبين فيها، بزيادة في السعر وصلت لنحو 43%، فيما أحجم باعة الأسمنت عن تسليم المشترين أكثر من 50 كيساً في اليوم؛ مع اشتراط وجود ترخيص بناء، مبررين ذلك بأن الاكتفاء بتلك الكمية جاء وفق تعليمات التجارة، وذلك لنقص الكميات المتاحة للسوق.

وكشفت جولة ميدانية لـ"الوطن" خلافا كبيرا بين موزعي الأسمنت وزبائنهم، حيث يطالب الزبائن بكميات كبيرة من أجل إنجاز أعمالهم، فيما يرد الموزعون بأن توجيهات التجارة ووجود مندوبها هو ما يحكم أمر التوزيع.

وقال موزع الأسمنت فيصل الحربي إن عملية التوزيع تتم وسط وجود مندوب الوزارة، الذي يتم الاتفاق معه على آلية التوزيع، مضيفا أن الكميات المتوفرة من المصدر لم تعد كافية للوفاء بمتطلبات العمل الإنشائي المتزايد في مجال البناء في جدة.

وأوضح الحربي أن الموزعين يبيعون بسعر محدد من الدولة وليس هناك مجال للتلاعب بالأسعار.

أما بالنسبة للمواطنين، فقد اشتكى كثير منهم من نقص كميات الأسمنت في الأسواق، الأمر الذي أدى إلى تعطل عمليات البناء. وقال المواطن زكي السلمي العمل توقف في البناية، التي يعمل على إنشائها؛ نظرا لضعف الكمية التي يتحصل عليها في اليوم، مشيراً إلى أنه فوجئ بأن الموزعين لا يعطون من يملك ترخيص بناء أكثر من 50 كيساً في اليوم.

وأضاف السلمي أنه يحتاج إلى 2000 كيس لإنشاء "الصبات"، موضحا أنه اضطر للاتفاق مع أحد تجار السوق السوداء لشراء الكمية بمبلغ 21.25 ريالا، وأن الموزع وفرها في اليوم نفسه.

فيما قال بندر الحربي إن عملية تنظيم توزيع الأسمنت فيها إجحاف بحق المواطنين، وخاصة أولئك المتعاقدين مع مقاولين مقابل ضمانات مالية ملزمة بتواريخ محددة للعقود، حيث يتسبب تأخير وصول الأسمنت أو شرائه بسعر أغلى من السوق بخسائر كبيرة لهم. وأشار الحربي إلى أنه يضطر إلى اللجوء للسوق السوداء، التي يبدو أنها لن تختفي رغم كل الأزمات السابقة.

المشرف الميداني لفرع وزارة التجارة في جدة أحمد معبر أكد في تصريح إلى "الوطن" أن الوزارة مستمرة في تتبع مخالفي البيع بالسعر المحدد من الدولة.

وقال إن الوزارة ضبطت عددا كبيرا منهم، مضيفا أن شراء المواطنين من باعة السوق السوداء هو ما يساهم في انتشارهم.

وأوضح معبر "أن المواطنين لو لم يشتروا إلا بالسعر الرسمي لما كانت هناك سوق سوداء وتوفرت الكميات المسربة في السوق"، شارحا أن النقص الحاصل في معروض الأسمنت طبيعي في ظل الطفرة الكبيرة في المشاريع العمرانية في جدة ومشاريع البنية التحتية، والمشاريع العملاقة التي يتم العمل فيها حالياً مثل المطار الجديد ومحطة القطار وملعب الملك عبدالله الرياضي وعدد كبير من المشاريع العملاقة.

وقال معبر إن تحديد عدد حصة الـ"50 كيسا" يعود إلى أن الوزارة توزع المعروض بـ"التساوي"، بين الزبائن الراغبين في شراء الأسمنت، مبيناً أنهم سيرفعون الكمية في حال زاد العرض.