يقف تيارا الجدل في وطن يعيش مراحل التنمية في مجالات عديدة سياسية واجتماعية واقتصادية بل وحتى رياضية، يقفان وبينهما عنصر جدال يقف بالمنتصف، لا يكاد يفارق كل أحاديثهم وشتائمهم لبعضهم واختلافهم وربما يرافقهم هذا العنصر لمستوى أحلامهم، هذا العنصر هو كل ما يؤرقهم ويقلق مضاجعهم، هذا العنصر كان – ولا يزال – هو "المرأة"، وحتى نكون منصفين أكثر هم لم يختلفوا سوى على كيف تقود هذه المرأة السيارة؟ وكيف تكون "كاشيرا"؟ وكيف تعمل في محل للمكياج وإلى جانبها نصفها الآخر؟

كل هذه الأمور هي نصف حوار المجتمع، ونصف قضايا الاقتصاد، ونصف تصريحات رجال الدين، ونصف مقالات كتاب الصحف، وربما تكون نصف مشاكل المجتمع السعودي !

لم يدر ببال هؤلاء المختلفين لحظة ما.. أن يستذكروا رهينات أزواج عاثوا بهن وقتا من الزمن ثم رموا بهن على آباء انكسروا شفقة عليهن، وتناسوا قضايا فتيات يحلمن بأطفال لم يمنعهن عنهن سوى رغبة والد في راتب أو إرث فمنعهن تلك الفرحة، وربما كان لأصل الفتاة "المستعربة" دور في عزوف الشباب "العاربة" عنها، وغفلوا عن حبيسات جدران بيوت يخيل لهن أن جدرانها قد كتب عليها عبارة: "امكثوا فيها ولا تكلمون" طالبات الرجاء والصدقة من "حافز".

وحتى نكون منصفين، فإن دور علماء الاجتماع والنشطاء الاجتماعيين ومنظمات المجتمع المدني يكاد لا يذكر في القضايا والمشاكل الجوهرية للمرأة، باستثناء بعض المبادرات الخجولة التي ترحل سريعا بلا تأثير ملموس، ولذلك اعتلى المنبر أصحاب أهداف خاصة وذوو توجهات مريبة وبعض من يخدمون أهدافا سياسية وغير سياسية، وجلهم أبعد عن ما فيه مصلحة للمرأة خاصة والمجتمع عامة، إن كل ما يشغلنا عن المرأة هو أمور ثانوية لا ننكر حقها فيها، ولكن يجب أن نرتب الأولويات، ونركز على الفرائض ثم نلحق بها النوافل التي انشغلنا بها، يجب أن نقر ميثاقا وطنيا للمرأة يرتكز على الدين الذي كفل للمرأة حقوقها قبل 1400 عام، وليس على المفاهيم التي انبثقت من ثقافة متصحرة، ميثاقا يكتبه حقوقيون ومختصون في علم الاجتماع من النساء قبل الرجال، بدلا من أن نرتهن لمواثيق دولية قد تخالف حقوق المرأة أصلا، أو نجتهد عن طريق التيار الديني في مسائل عديدة بشكل خاطئ يسيء للمرأة وللمجتمع وللوطن، أو نفتح المجال لذوي هوى يستخدمون دفاعهم باسم المرأة للتقرب من ملذاتهم، وتذكروا أن دينكم قد أوصاكم خيرا بهن.. ولقد نفذتم الوصية "رعاكم الله "!! وإذا كانت المرأة نصف الجدال في هذا المجتمع، لعل وعسى أن يكون النصف الثاني من الحوار – لا الجدال – من نصيب الشباب.